مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[بداية الرد عليهم]

صفحة 486 - الجزء 1

  تطليقه لها وتخليته لسبيلها: (يا يوسف بن داود، لا تخل سبيل امرأتك؛ فإن الذي بها من روح الله، وهو يدعى يسوع، وبه يحيي الله شعبه⁣(⁣١) من خطاياهم بإذن الله).

  ومما زعموا - فاعرفوه - أنه دلهم، وشهد على ما ادعوا لهم، واعتقدوا من ضلال أقاويلهم - قول الله زعموا في إنجيلهم، في المسيح بن مريم : (هذا ابني الحبيب الصفي). وقول سمعان⁣(⁣٢) الصفا له: (أنت ابن الله الحق).

  وما ذكروا من هذا إن صح ومثله مما يدعون على الله وعلى رسله فقد يوجد له تأويل، لما قالوا مبطل مزيل، لا ينكرونه ولا يدفعونه، ولا يكذبون من خالفهم فيه ولا ينازعونه.

  فمن ذلك ما هم عليه وغيرهم مجمعون، لا يختلفون فيه كلهم ولا يتنازعون، من أن ملائكة الله ومن مضى من رسل الله لم يسبح المسيح قط ولم يعبده، ولم يزعم أحد منهم أن الله ولده.

  ومن تأويل ما ذكروا من الولد والابن في زمن المسيح وكل زمن أن الناس لم يزالوا يدعون ابنا وولداً من تبنوا وأحبوا وحظي عندهم، وإن لم يكن على طريق التناسل ولدهم، ثم لم يزل ذلك لديهم معروفاً قديماً وحديثاً، ولا سيما في القدماء من أهل العلم والحكماء، فكان الحكيم منهم يقول: يا بني لمن علَّمه، ويدعو المتعلِّم باسم الأبوة معلِّمه، فيقول: قد قلت وقلنا يا أبانا، وربما قال أحدهم: يا أبت أما ترانا.

  قال بعضهم:

  آباء أرواحنا الذين همُ همُ ... أخرجونا من منزل التلف


(١) في (أ، ب): سبعة.

(٢) في (أ، ب): شمعان.