[بداية الرد عليهم]
  ولكني جئت لتمام ذلك كله، ولتصديق جميع ما أمر الله فيه ورسله، بل أقول لكم قولاً حقاً، وأنبئكم نبأ فافهموه صدقاً: إنه لا تُغَيَّرُ من آيات الله كلها آية ولا تنتقض، إلى(١) أن تتغير وتفنى السماوات والأرض، ومن نقص من آيات الله آية، أو غَيَّر من أصغر وصاياه وصية، فعلَّمها أحداً من الناس مبدلة مغيرة، صغيرة كانت الآية والوصية أو كبيرة - دعي في ملكوت الله خسيسا ناقصاً، ومن علمها كما أنزلت كان في الآخرة تاما خالصاً.
  وحقاً أقول لكم: لئن لم تكونوا من الأبرار، ويكن بركم من أفضل بر الكتبة والأحبار - لا تدخلون غداً في ملكوت الله الغفار. ألا وقد سمعتم في التورة ألا تقتلوا النفس المحرمة، ومن قتلها فقد استوجب في الدنيا العقوبة المؤلمة، وأنا فإني أقول لكم: إن(٢) من قال لأخيه كلمة قبيحة تؤذيه فقد استوجب العقوبة، إلا أن يحدث لله منها توبة، ومن قال لأخيه ليعيره: إنك لأرغل لم تختتن فقد استوجب في الآخرة نار جهنم، بل من قَرَّبَ منكم قربانه على المذبح وأدناه وقربه ليذبحه، ثم ذكر أن أخاه واجد عليه فليدع قربانه وليذهب إلى أخيه فيصالحه.
  ألا وقد قيل في التوراة: لا تكذبوا إذا حلفتم، ولكن اصدقوا إذا حلفتم بالله وأقسمتم، وأنا فإني أقول لكم: لا تحلفوا بشيء من الأشياء، ولا تقسموا طائعين بقسم ولا إيلاء، لا تحلفوا بالسماء التي هي مكان كرسي الله، وفيها يكون ملائكة الله، ولا بالأرض التي هي منزل رحمة الله وآياته، ولا بحياة شيء، ولا برأس آدمي، ولكن ليكن كلامكم نعم ولا وكلا فيما تقولون وبلى، وما كان سوى ذلك فهو من السوء والهزوء، ومن سأل أحدكم شيئاً فليعطه وإن كان نفيساً عليا.
(١) في (أ، ب): إلا أن.
(٢) «إن» ساقطة من (أ).