[بداية الرد عليهم]
  ألا وقد سمعتم أن قيل: أحبوا أولياءكم، وأبغضوا من الناس أعداءكم، وأنا أقول لكم: أحبوا في الله أعداءكم، وبركوا منهم على من لعنكم وآذاكم، وأحسنوا منهم إلى مبغضيكم، وصلوا منهم من يؤذيكم، لكي تكونوا من أصفياء الله، ولتفوزوا بالكرامة والرضا من الله، الذي يطلع شمسه على المتقين والفجرة، وينزل أمطاره على الظالمين والبررة، فإن كنتم إنما تحبون من يحبكم فأي أجر حينئذ لكم؟ أوليس المكسة والعشارون كذلك فيما بينهم يفعلون؟
  ألا ولا تراءوا الناس بالصدقة والزكاة، ولا بما تصلونه لله من الصلاة، فتحبطوا أعمالكم في ذلك لله بالرياء، وتتوفوا أجرها في عاجل هذه الدنيا، ولكن لتكن صدقتكم لله فيما بينكم وبين الله خفية سرا، فإن الله ربكم الذي يرى سركم وهو يجعلها لكم علانية جهراً، وإذا كنتم في صلاة لله أو خشوع فلا تقوموا بذلك في السكك والجموع، كالمرائين للناس بما هم فيه لذلك من حالهم، فحقا أقول لكم: لقد توفى أولئك جزاء أعمالهم.
  وإذا صليتم فلا ترفعوا أصواتكم ودعاءكم طلبا للرياء، فإن الله يعلم قبل أن تسألوه ما تحتاجون إليه من الأشياء، ولكن إن صليتم فلله وحده فصلوا، وإذا حكمتم في أرضه بحكم فاعدلوا، وقولوا ربنا الذي في السماء تقدس اسمك وحكمتك، وعظم ملكك وجبروتك، أظهر حكمك في أرضك كما أظهرته في سمائك، وارزقنا طعام فاقة يومنا، واغفر لنا سالف جرمنا كما نغفر لمن ظلمنا، واعف عنا برحمتك وإن أجرمنا، ولا تبتلنا ربنا بالبلاء، وخلصنا من مكاره الأسواء، فإن لك الملك والقدرة، ومنك الحلم والمغفرة أبد الآبدين ودهر الداهرين.
  واعلموا أنكم إن غفرتم للناس ما بينهم وبينكم فإن الله سبحانه يغفر لكم. وإذا صمتم فلا تغيروا وجوهكم ليعلم الناس صومكم، [ولكن إذا صمتم فاغسلوا