مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[بداية الرد عليهم]

صفحة 494 - الجزء 1

  وجوهكم وادهنوا رؤوسكم، لكيما لا يعلم الناس صومكم]⁣(⁣١) فإن الله الذي صمتم له سراً هو يجزيكم بصومكم علانية جهراً.

  ألا ولا تخزنوا خزائنكم ولا تجعلوا في الأرض ذخائركم، فإن ما في الأرض يفسده السوس وتأكله الأرضة، وتعرض له الآفات وتناله السرقة، ولكن اخزنوا خزائنكم واجعلوا ذخائركم في السماوات العلى، حيث لا يفسد منها شيء ولا يبلى بسرقة ولا آفة معترضة، ولا ينالها أكل سوس ولا أرضة، فحقاً أقول لكم: إن حيث تكون خزائنكم وذخائركم هنالك تكون قلوبكم وضمائركم.

  واعلموا أن سراج الجسد العين، فإن كانت العين نيرة مضيئة كان الجسد نيراً مضيئاً، وإن كانت العين عمية مظلمة كان الجسد مظلماً عمياً، وإذا كان النور الذي فيكم مظلماً لا يبصر ولا يعلم فيكم ترون ظلمة حواسكم وقلوبكم أعمى وأظلم.

  واعلموا أن الله لم يجعل لأحد في جوفه من قلبين، وأنه لا يستطيع أحد منكم أن يعبد ربين؛ لأنه لا بد له من أن يكرم أحدهما ويجله فيقصر بالآخر عن الكرامة ويغفله، أو يهين أحدهما ويحقره فيجل الآخر ويكبره.

  وكذلك لا تستطيعون أن تعبدوا الله وتعزروه وتسعوا للمال فتجمعوه وتكثروه، ومن أجل ذلك فإني أقول لكم: لا تهتموا بما تأكلون ولا ما تشربون ولا ما تلبسون، أليس ما خلق الله لكم من الجوارح والأجسام أكرم وأجل وأكبر من الشراب والطعام؟ أوليس ما خلق الله لكم من الأنفس آثر عند الله من الثياب والملبس؟


(١) ما بين المعقوفين ساقط من (أ، ب).