مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[قول الروافض: إن الإمامة يرثها الابن عن الأب والرد عليهم]

صفحة 537 - الجزء 1

  وليس كل الأنبياء وَلُوا حكم الأمة، وإنما كان بعضهم نبي نفسه، وبعضهم نبي أهله، وبعضهم نبي أهل بيته، وبعضهم نبي قرابته، وبعضهم نبي قومه.

  وليس حكم الأنبياء كحكم غيرهم ممن دونهم، مع أنه قد مضت سنة بني إسرائيل، وهذه سنة محمد ÷.

  فإن زعموا أن السنة لم تزل من لدن آدم إلى يومنا هذا فقد كذبوا كتاب الله، لقول الله تبارك وتعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا}⁣[المائدة: ٤٨]، وقد حرم الله على بني إسرائيل الصيد يوم السبت⁣(⁣١) وأحل لنا، وقد حرم الله عليهم الشحم وأحل لنا، لقول الله سبحانه: {وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ}⁣[آل عمران: ٥٠]، أفلا ترى أن عيسى حلل لأمته الذي حرم موسى على أمته.

  فإن زعموا واحتجوا بقول الله: {سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا ٧٧}⁣[الإسراء]، ثم قال: {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ٦٢}⁣[الأحزاب]، أي: بالدعوة؛ لأن دعوة الأنبياء واحدة؛ لأن كلهم دعوا إلى طاعة الله ونهوا عن معصية الله، غير أن في الشرائع لكل أمة شريعة، وأحل لأمة ما حرم على غيرها، محنة من الله وامتحانا، مع أن الأئمة من آل محمد ÷ الصفوة بعد الصفوة، لذلك ورث حسين الإمامة، لأنه كان خير أهل زمانه، مع ما كان فيه من الدلائل في نفسه والآثار من نبيه، وإجماع الأمة بأنه خير أهل زمانه، وهو وأخوه سيدا شباب أهل الجنة، فهل يكون لأحد أن يتقدم على من هو خير منه؟! فالإمامة لا تكون إلا لخير أهل الأرض، يستبين للناس فضله وزهده وعلمه، وإنما الإمامة لقلة⁣(⁣٢) وصفوة وخيرة، ولم تزل كذلك من لدن آدم تنقل من صفوة إلى صفوة.

  ولو أن الإمامة والنبوة كانت وراثة لم تخرج من اليمن إلى غيرها، إذ كان هود


(١) «يوم السبت» ساقطة من (أ، ب).

(٢) في (أ): لعلة.