مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[صفة الإمام]

صفحة 541 - الجزء 1

  اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ١٥٩ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ١٦٠}⁣[البقرة]، فكيف يجوز لأحد من الأئمة يكتم الحق ويظهر من نفسه خلاف ما يعلم؟ أو ليس من رأى فعله من المستضعفين اقتدى به، لما يعاينون من ظاهر فعله، فهم مصيبون إذ غاب عن المستضعفين الناصر؛ إذا اقتدوا⁣(⁣١) بالإمام؟

  فإن قلتم: نعم، فقد وجب لمن خالفكم الإيمان. وإن قلتم: إن الذي رأيتم من الإمام هو التقية، والذي أخبركم خلاف الحق، والحق ما تقولون⁣(⁣٢)، وإنما كتمتم⁣(⁣٣) الحق تقية منكم، أفليس تدعوننا إلى أن نصدقكم على ما قلتم ونكذبه فيما قال لنا؟ فأنتم إذاً أولى بالصدق منه، وأنتم أئمة؛ إذ تأمروننا أن نقتدي بما تقولون، ونترك ما قال.

  فإن زعمتم أنه على الحق، وقد رأى الناس خلاف ما تقولون، ورووا منه خلاف ما تنسبون، وسمعوا منه خلاف ما تدعون - فاقتدوا به؛ إذ زعمتم بأنه إمام افترضت طاعته! أفليس يجب على الناس أن يطيعوه فيما يأمرهم، ويتمنعوا عما ينهاهم، ثم تكلفون الناس أن يتبعوا قولكم ويتركوا قوله، فأنتم إذاً الذين افترض الله طاعتكم⁣(⁣٤)، فأنتم الصادقون ليس هو!

  ثم زعمتم أنه إمام مفترض الطاعة، أفليس على مذهب قولكم هو إمام هدى وإمام ضلالة، إذ هداكم وأضل غيركم آخرين، حين أفتاكم بالحق وأفتى غيركم بالباطل، وعلمكم حكم الله وعلم غيركم خلاف حكم الله؟

  وكيف وقد قال تبارك وتعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ


(١) في (أ): إذ اقتدوا.

(٢) في (أ، ب): ما يقول.

(٣) في (أ، ب): كتمكم.

(٤) في (ب): طاعتهم.