[متشابه القرآن وما يظن متشابها وهو محكم]
  من الحجة بما يغلب كل مغالب، كما قال سبحانه: {فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ}، وقطعت عليه بحجة الله حجته فيما أنكر فلم يجد عندها مقالاً، وكذلك يفعل الله بمن كان عن الهدى ضالاً، كما قال في أمثاله رب العالمين: {وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ٢٥٨}، ولقد كان(١) في قول إبراهيم ~: {رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ}، ويقين الملك أنه سيموت - ما أغنى كثيراً وكفى(٢) لو كان الملك بما يعرف مقراً معترفاً؛ لأن الحياة والموت فعلان موجودان، وصنعان لا شك في أنهما(٣) من الصانع معدودان، لا ينكر ما قلنا به فيهما من ذلك سامع، ولا يدعي صنعهما إلا بمكابرة من مدعيهما صانع، وإذا صحَّا وثبتا صنعاً وفعلاً، وكان الملكُ وغيرُه عليهما مجبوراً مجتبلاً، ليس لأحد فيهما صنعٌ، ولا يمتنع منهما ممتنعٌ - فلا بد باضطرارٍ مِنْ صانعِهِما وفاعلهما ومتولي صنعهما واجتبالهما، إذا ثبتا صنعاً وفعلاً وكان كل واحد منهما بدعاً مجتبلاً. ولكفى بحجة إبراهيم ~ بالموت - إذ لا يقدر أحدٌ منه على فوت - حجةً وبرهاناً ودليلاً، وللمعرفة بالله منهجاً وسبيلاً، فكيف بما مع ذلك من دلائل الله وشواهده؟ وبرهان معرفة الله الذي لا يقدر أحد على معدوده؟!
  وفي محاجَّة إبراهيم # لقومه ما سمعتموه في كتاب الله ø من قوله عندما رآه من ملكوت السماوات والأرض، وما دلَّه الله به من بعض ذلك على بعض، إذ يقول سبحانه: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ٧٥ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي}[البقرة]، فقال ذلك مفهماً لقومه وموقِّفاً، ومحتجاً عليهم في الله ومعِّرفاً، لا معتقداً لآلهتهم ولا ممترياً، ولا شاكّاً فيها ولا عمِياً، قال الله تبارك وتعالى: {فَلَمَّا أَفَلَ
(١) في (أ): ولقد بان.
(٢) «ما أغنى كثيراً وكفى» ساقط من (أ).
(٣) في (أ): وطبعان لا شك فيهما.