مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

تفسير سورة القدر

صفحة 102 - الجزء 2

  تَفْسِيرًا ٣٣}، فنحمد الله على ما نوَّر بذلك من حجته بمَنِّه ورحمته تنويراً.

  ثم أخبر سبحانه أن قد أنزله، وتأويل ذلك: أن قد جعله الله كله في ليلة واحدة، فقال تبارك وتعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ١} و {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ}⁣[الدخان: ٣]، فأبطل بذلك كل حجة لمن كفر مظلمة مهلكة، وكان ذلك من قدرته ما لا ينكره من أهل الجاهلية من أقرّ بمعرفته.

  وقد يمكن أن يكون تأويل: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} هو: تنزيله سبحانه من السماء السابعة العليا إلى من كان من الملائكة في السماء الدنيا، وقد ذكر عن أمير المؤمنين علي ~ أن ذلك هو تأويل: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} وبيانه، فأي التأويلين جميعاً تُؤُوِّلَ فيه وقع بإنزاله كله عليه⁣(⁣١).

  ولو كان إنما أراد بذلك إنزاله على محمد ÷ لكان إنما نزل إليه مفرقاً ومقطعاً غير مجمل من الله، وإنما قال الله: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ}، فأوقع التنزيل على كله لا على بعضه، وقال لرسوله ÷: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ}⁣[القصص: ٨٥]، فأخبر سبحانه بفرضه، والفرض: هو التقطيع والتفصيل، كما يقول القائل للشيء إذا أمر بقطعه: افْرِضْه وفَصِّلْه ليقطعه.

  وتأويل {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ} هو: الذي⁣(⁣٢) قطَّع تفريقاً ما نزل


(١) قوله #: «فأي التأويلين جميعاً تُؤُوِّلَ فيه وقع بإنزاله كله عليه»: ذكر # تنزيل القرآن مفرقاً على النبي ÷، ثم ذكر إنزاله جملة إلى سماء الدنيا؛ فهذان تأويلان لتنزيل القرآن وإنزاله كلاهما صحيحان فأيهما وقع فهو صحيح. (من خط السيد العلامة المجتهد محمد بن عبدالله عوض المؤيدي حفظه الله).

(٢) في المطبوع والمصابيح: هو أن الذي.