مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

تفسير سورة العلق

صفحة 109 - الجزء 2

  وعما أصر من ظلمه عليه {لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ ١٥}، وتأويل {لَنَسْفَعَنْ} فهو: لنأخذن {بِالنَّاصِيَةِ}، والناصية فهي: مقدمة⁣(⁣١) الرأس العالية.

  ثم قال سبحانه: {نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ ١٦}، إذ كانت عما لا يجوز النهي عنه عندها من الصلاة والتقوى لله ناهية، فكذبت قولها في ذلك بفعلها، وأخطأت بنهيها عنه فيه بجهلها، فهي كما قال الله سبحانه: {كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ ١٦}، وهي لله مخالفة في ذلك عاصية، يقول الله سبحانه: فإذا أخذنا من بالناصية {فَلْيَدْعُ} إن استجيب له حينئذٍ {نَادِيَهُ ١٧}، وناديه فهم عشيرته وأولياؤه، وأنصاره وجلساؤه، الذين كانوا يجلسون في مقامه إليه، ويجتمعون لمجالسته ونصرته لديه، {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ ١٨}، والزبانية فهم الملائكة المطهرة الزاكية، التي يأمرها الله سبحانه بأمره فتنفذ كل ما أمرها الله به مطيعة لله غير عاصية، وآخذة لمن⁣(⁣٢) أمرها بأخذه غير وانية، تأخذ بالغلظة والشدة كلَّ نفسٍ عاتيةٍ متمردة، كما قال سبحانه: {عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ٦}⁣[التحريم].

  ثم قال سبحانه لرسوله: {كَلَّا لَا تُطِعْهُ}، يقول سبحانه لرسوله ÷: لا تطع من نهى عن الصلاة والهدى، وعن الأمر لله بالتقوى، وكَذَب فعمل بالكذب، ولكن اسجد واقترب بكل عمل صالح مقرِّب، من صلاة أو هدى أو برٍّ وتقوى، فكلهم يقرُّ بأن الهدى والصلاة لله والأمر باتقاء الله مقرِّب لمن فعله


(١) في المطبوع والمصابيح: مقدم.

(٢) في المطبوع والمصابيح: لما.