مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

تفسير سورة الشمس

صفحة 122 - الجزء 2

  فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ٧٣}⁣[القصص].

  وتأويل {وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا ٥} فالسماء: هي السماء التي نراها، {وَمَا بَنَاهَا ٥} فهو: وما هيأها من حكمة الله وتدبيره، ورحمة الله وتقديره.

  وتأويل {وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا ٦} فهو: والأرض وما دحاها، ودحو الشيء: هو بسطه وتمهيده، ونشره وتوسيعه وتمديده، [كما قال سبحانه: {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا}⁣[ق: ٧]، وتأويله: بسطناها ومهدناها]⁣(⁣١)، كما قال سبحانه: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا ٦ وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا ٧}⁣[النبأ]، والممدود إذا أُرِيد مدُّهُ وامتهاده ضُرِت فيه وفي نواحيه ليمتد أوتاده⁣(⁣٢).

  وتأويل {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ٧} فهي: الأنفس التي قد علمناها لكل ذي نفس من البهائم والإنس، وهي التي إذا فارقت وزالت ماتت أجسادها وخفت، فعادت أجسادها أمواتاً هُلاكاً، ولم ير لها أحدٌ بعد ذهاب أنفسها منها حراكاً، {وَمَا سَوَّاهَا} فهو: وما هيأها فجعلها حية كما جعلها، وعدَّلها سوية كما عدَّلها، من قدرة الله وإحكامه، ومِنَّتِهِ عليها وإنعامه.

  وتأويل {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ٨} هو: فعرَّفها تدبيرُ الله لها وإحكامه هيئتَها واجتراءها، فجعلها تبارك وتعالى عارفةً بكل ما كانت عليه مجترية أوْ له خائفة.

  ثم أخبر سبحانه أن نفسَ الإنسان من بين ما ذكرنا من الحيوان نفسٌ بين


(١) ما بين المعقوفين من المصابيح.

(٢) في المخطوط: والممدود يريد مده ومهاده إذا ضربت فيه وفي نواحيه ليمتدد أوتاده.