مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

تفسير سورة النازعات

صفحة 132 - الجزء 2

  في آل برمك عبرةٌ وعجائبُ ... ومواعظُ للعاقل المتزهد

  ومعنى قوله ø: {ءَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا ٢٧ رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا ٢٨} أي: رفع محلها وموضعها، والسمك: هو المحل المرتفع العالي، قال الشاعر:

  إن الذي سمَكَ السماءَ بنى لنا ... بيتاً دعائِمُهُ أعزُّ وأطولُ

  معنى سمك السماء أي: رفعها، وقال آخر:

  وما إن بيتهم إن عُدَّ بيتٌ ... وطال السمك وارتفع البناء

  ومعنى {فَسَوَّاهَا ٢٨} أي: عدل صورتها وهيأها.

  ومعنى {وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا ٢٩} فالإغطاش: هو الظلام.

  ومعنى قوله: {وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا ٣٢ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ ٣٣} هو أسكنها وأثبتها وأهدأها، قال الشاعر:

  ألقى مراسيه بتهلكةٍ ... ثبتت رواسيها فما تجري

  وفي هذا الكلام تقديم وتأخير، والتنزيل قول الله ø: {أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا ٣١ وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا ٣٢ مَتَاعًا لَكُمْ} فعل تمتيعاً لكم، والتأويل والمعنى: هو أخرج منها ماءها ومرعاها متاعاً لكم والجبال أرساها، ولكن لا يجوز أن يقرأ كتاب الله إلا على ما أنزل الله سبحانه، وعز عن كل شأنٍ شأنُه؛ لأنه لم يفعل ذلك إلا لأسباب من الصواب، ولولا ذلك لبين جميع الكتاب.

  ومعنى قوله ø: {فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى ٣٤} يعني: القيامة، وإنما سميت طامة لعلوها ورفعتها، وهولها عند وقعها، ووثوبها بغتة وسرعتها،