تفسير سورة النازعات
  وأصل الطم في الارتفاع في الهواء سريعاً معاً، قال الشاعر:
  أتاك طمٌّ فوق كلِّ طم ... إذا العكاظي كآثافي اليم
  {يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى ٣٥} يريد أنه يتذكر ما عمل في الدنيا، وأصل السعي هو: الجد والاجتهاد، والإقبال والإدبار والتحدر والإصعاد، قال سيد العابدين علي بن الحسين ~ وعلى آبائه الطاهرين:
  فإنَّ امرأ يسعى لدنياه جاهداً ... ويذهل عن أخراه لا شك خاسر
  ومعنى {وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى ٣٦} هو: أخرجت وأُظهرت، ومعنى {لِمَنْ يَرَى ٣٦} هو: لمن يرى ø ويعلم أنه يستحق العذاب.
  ومعنى قوله: {فَأَمَّا مَنْ طَغَى ٣٧} هو: جاوز الحد في ظلم نفسه بكفر أو فسق، {وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ٣٨} قدمها على الآخرة، {فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى ٣٩} أي: المَنْزل والمحل والمثوى.
  {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ} أي: موقفه الذي يقوم فيه العباد للحساب.
  {وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى ٤٠ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ٤١} أي: نهى نفسه عن اتباع الهوى، فأما الهوى في نفسه فلا يقدر أحدٌ على تركه؛ لأن الهوى في ذاته إنما هو الشهوة، والشهوة لا يقدر أحد على تركها، وإنما يقدر على خلافها، ويمكنه الامتناع من طاعتها، وهذا من الاختصار، وهو كثير موجود في القرآن، وهو عند أهله بيِّنٌ غايةَ البيان، فالحمد لله على ما علمنا من الفرقان، ونسأله أن يزيدنا برحمته من البرهان.
  {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا ٤٢} أي: متى حلولها وهجومها على