سياسة النفس
  فإن تعسر عليكم في مطالبكم من التقوى مطلب، أو ضاق عليكم من مذاهبكم مذهب - فخذوا في غيره مما يقربكم ويتسع لكم به مذهبكم، ولا تطلبوا الله في كثرة الركوع والسجود دون تحقيق الإخلاص لله من قلوبكم باعتماد قصد من ضمائرها معمود، فإنما يراد بذلك كله وفيه الوصول بتعظيم الله إليه.
  وألطفوا نفي الهم عنكم، وقطع أسباب الغم دونكم، فإنهما يفسدان الأعمال، ويورثان الملال، ويفلان(١) عزائم الجد، ويشغلان عن سلوك القصد، وإن عرض في نفوسكم وخطر بقلوبكم بعض خواطر الفتن(٢) الدواعي إلى غير البر والتقوى فاحذروا أن يغلب عليكم فيه ما يوعر عليكم سبيل ما قصدتم إليه، وانفوا ما عرض من ذلك كله من أمر الله بما ينفيه، ففي ذلك ولا قوة إلا بالله ما تقوون به عليه، وانفوا الهم عنكم فيه برجاء الفرج وتأميله، وبما رأيتم من تغير أمر الدنيا وتبديله.
  واعلموا أن الفرج والسهل بعد الهم والوعر، والراحة واليسر بعد النصب والعسر، كما قال تبارك وتعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ٥ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ٦}[الشرح]، وقال الرسول # فيما قد نقلته العوام: «اشتدي [أزمة] تنفرجي»، واستعدوا الصمت عما(٣) لا يعنيكم، فإن ذلك إذا غلب عليكم
(١) في (أ): ويقلان.
(٢) في المطبوع: النفس.
(٣) في (أ): فيما.