سياسة النفس
  قرأتموه منها للتزين في أعين الناس بقراءته، وانفوا عنكم تثاقل التلهية بذكاء الفكر والنية، وإذا أعطيتم فاشكروا، وإن فرحتم فاذكروا، وإن ابتليتم فاصبروا.
  واعلموا أن الصلوات ليست بطرب الأصوات، ولكنها بالباطن الظاهر والفكر المنير الزاهر، والنية الصادقة، والضمائر المتحققة، فاستعملوا ضمائركم بصحيح الاستعمال، ولا تميلوا إلى ظاهر المرآءاة باللسان، تكن أعمالكم مطيبة زاكية، وضمائركم لله خالصة نقية، ولن يكون الإنسان في فعله خلصانياً، ولا فيما تتوق إليه نفسه من ولاية الله ولياً، إلا بإخلاصه لصلاته وصيامه، ومحافظته على ما حكم الله به عليه من أحكامه، فأطيعوا الله ما استطعتم، وأخلصوا له الطاعة إذا أطعتم، واصرفوا قلوبكم إلى تقوى الله تكونوا من السابقين دون غيركم إلى تعظيم الله، فقد نبهكم الله لها فأيقظكم، وأمركم بما تعملون منها فوعظكم. فالعجل العجل، والحذر الحذر، والنجا النجا، والوحاء الوحاء، فقد حدانا الرسول على رفض الدنيا وأجهر، وحرك إلى قبول أمر الله فيها فاستنفر كل نفس سوية مفكرة، ذات عين صحيحة جلية مبصرة، فما لأحد من عذر ولا علة في وناء ولا تقصير ولا غفلة.
  فهل من مستجيب في ذلك لله أو مدَّكر؟ وهل من رائح إلى الله أو مبتكر، منيب إلى الله مستسلم، ومتعلق بحبل الله معتصم؟ فقد أرانا الله من معائب الدنيا ومساويها ما أراه، ففاز من بادر إلى الله في الإجابة برفضها إذ دعاه، فوجل