[الدلائل على أن الله تعالى لا يشبه الأشياء]
  الله يحكم يومئذ فيها بغير العدل، ويقضي بين أهلها فيها بغير قضاء الفصل، فيعذب من عذب فيها بأمور هو حمل المعذب عليها حتى لم يجد من ارتكابها بدا، ولا عما ارتكب منها مصدا، وإن عمل ما شاء الله فيها وارتضى، وحكم الله به منها وقضى، عذب بألوان العذاب وعوقب بأشد العقاب.
  فوصفوا الله بإخلاف الميعاد، ونسبوا إليه ما تبرأ منه من ظلم العباد فقال: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا ٤٠}[النساء]، وقال تبارك وتعالى: {وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ٢٩}[ق]، وقال سبحانه فيما قالوا به عليه من إخلافه في الوعد والوعيد: {وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا ١٢٢}[النساء]، وقال سبحانه: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ ٢٠}[الزمر]، وقال تبارك وتعالى في حكمه يوم القيامة بين الخلق بعدله، وقضائه يومئذ بين العباد بعدل فصله: {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ١٧ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ ١٨ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ١٩ وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ٢٠}[غافر]، وقال سبحانه: {هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ ٣٨ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ ٣٩}[المرسلات]، يقول تبارك وتعالى [هذا](١) يوم القضاء بالعدل الذي كنتم به تكذبون: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ ٢٢ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ ٢٣ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ ٢٤ مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ ٢٥}[الصافات]، فلعدله سبحانه في الحكم وتعاليه عن كل ظلم وُقِفُوا فَعُرِّفُوا، وبعد
(١) ساقط من (أ).