القول في الماء القليل
  وزوال الشمس فهو ميلها إذا ما استوى ظلها، فزالت وأنت مستقبل القبلة عن وسط السماء، فزاد ظلها شرقا قليلا أو كثيرا على مقدار الاستواء. وغسق الليل فهو ما لا يخفى [إلا] على مكفوف بصره أعمى، وهو سواد الليل وظلمته، أوليته في ذلك سواء وآخريته. والفجر أوله وآخره فقد يعاين، فهو بين لا يشك فيه ولا يمترى، وهو ما بين إدبار النجوم إلى طلوع الشمس المعلوم، وكل وقت بين هذه الأوقات فأبين ما بين من البينات، لا يحتاج فيه إلى مقياس ضعيف ولا قوي من الناس، والحمد لله في ذلك وغيره على تخفيفه فيه وتيسيره.
  ولكل صلاتين من صلاة النهار والليل وقت، والصبح فلها الفجر كله كما قلنا وقت موقوت. وآخر كل وقت كأوله وبعضه في أنه وقت كله، لا تفاوت بينه في رضا الله وطاعته، ولا في ضعف أحد واستطاعته، وكذلك بلغنا أن بعض آل محمد كان يقول: ما آخر الوقت عندي إلا كأوله. وما القول في الأوقات - والله أعلم - عندي في الأداء في الفريضة إلا مثل قوله. فأما ما ذكر عن النبي ÷ إن كان صدق عليه فيه (إن أول الوقت رضوان الله، وآخره عفو الله) فليس على ما يتوهمه من جهل أنه عفو عن ذنب عمل، فكيف وكلهم يزعم أن جبريل ومحمداً ª صليا فيه، وصارا منه ومن فعله إلى ما صارا إليه؟ مع أنه لو كان ذنبا لمن فعله لمنع المؤمنين(١) منه أهله، وإنما تأويل العفو منه فيما أمر الله من الوقت تخفيف الله ورحمته، وذلك فهو أيضا رضا الله ومحبته، وكل والحمد لله
(١) لعلها: لمنع أمير المؤمنين.