مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

القول في الماء القليل

صفحة 344 - الجزء 2

  ونسأله لهداه حسن تيسيرنا، وحسبنا الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم.

  ومن دلائل ما قلنا به في وقت صلاة الليل ما دلنا الله سبحانه في سورة المزمل على ذلك من الدليل، قال تبارك وتعالى لرسوله - صلى الله عليه وأهله -: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ١ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ٢ نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا ٣ أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ٤ إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا ٥ إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا ٦ إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا ٧ وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا ٨}⁣[المزمل].

  فدل سبحانه فيما نزل من هذه الآيات على ما قلنا به من الأوقات فيما فرض في الليل من الصلوات.

  ودل على ما يجب في الصلاة من الذكر والتسبيح والقراءة، فلا يكون أبداً المزمل إلا مضطجعاً أو نائما، ولا يصلح أن يكون أبدا قاعداً ولا قائما.

  والتزمل هو الاستغشاء والتدثر والاضطجاع والنوم، وقد يكون في أحدهما المتدثر الذي يتزمل ويتدثر، ولا يكون أبدا إلا أول الليل وآخره، فجعل ذلك سبحانه كله وقتا لقيامه ولتأخره فيه بصلاته واستيفائه، إلا أقل، وهو ما اشتبه منه فلم يتبينه من يريد أن يتبينه فيدري أفي الفجر هو أو في الليل، فليس لأحد أن يؤخر صلاة ليله إلى مثل ذلك الوقت من التأخير، لأنه ليس له أن يصلي إلا في وقت بيقين، وهو ما وضع الله في الوقت من التبيين، وليس يوجد أبدا وإن جهد وقت صلاة الليل ويبين حتى يدركه العلم البت واليقين إلا سواد الليل وظلمته، ولذلك ما جعله الله وقتا لهما برحمته. وقال سبحانه لرسوله ÷: