مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

القول في الماء القليل

صفحة 345 - الجزء 2

  قمه كله إلا أقله. فنهاه عن القيام في قليله، وهو ما قلنا فيه بتفصيله، عندنا مما الله به أعلم، وما فهمنا فيه الفهم، لا يفهم فيه غيره، ولا نجده تفسيراً إلا تفسيره.

  ثم فصل ذلك سبحانه بأمره فيما قلنا به من مفسره بقوله: {نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا ٣} يريد سبحانه قبله، {أَوْ زِدْ عَلَيْهِ} يريد سبحانه بعده، فبين سبحانه بقوله: {اللَّيْلَ} ما بين نصفه إلى أوله، وبقوله {نِصْفَهُ}⁣(⁣١) بعده: ما بين نصفه إلى أقله، وتأويل: {قُمِ اللَّيْلَ} إنما هو: في أي الليل شئت، فإنك لم تنه عن الصلاة إلا في أقله كما نهيت، كما يقول القائل: قم ظهرا، وإنما يريد عند الظهر، وقم لحاجتنا فجرا، وإنما يريد عند الفجر، ألا ترى كيف يقول سبحانه: {نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا ٣ أَوْ زِدْ عَلَيْهِ} يقول سبحانه: نصفه أو انقص منه: وهو ما قبل النصف، {أَوْ زِدْ عَلَيْهِ}: وهو ما بعد النصف، فبين هذا الأوقات كلها، وكذلك قال في تبيينها لرسوله ÷: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ}⁣[المزمل: ٢٠]، وإنما أدنى من ثلثي الليل عند نصفه وعند ثلثه. كما [لو] قال قائل سوى الله لا شريك له لمن يريد أن يأمره ويستعمله: «قم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه» كان إنما يريد قم عند ما أمرتك بالقيام عنده في وقته، ولا يريد أن يقوم ثلثه قائما على رجليه. وكما يقول قائل لعامل من العمال أو⁣(⁣٢) أمره في نهاره بعمل من الأعمال: «اعمل كذا وكذا نهارا» فعمل ذلك في أي وقت شاء من نهاره لكان قد أدى إلى من أمره


(١) «نصفه» غير موجود في المخطوط.

(٢) لعلها: لو.