مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

باب الوضوء

صفحة 357 - الجزء 2

  بالقراءة، فإنه بلغني أن الله سبحانه قال لموسى في التوراة: (يا موسى، قم بين يدي مقام العبد الذليل، يا موسى، إذا قرأت التوراة فاقرأها بصوت حزين). جعلنا الله وإياك من المطيعين، وفيما أمرنا وإياك به من الصلاة له من الخاشعين، فإنه يقول سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ٤٣}⁣[البقرة]، ويقول سبحانه: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ٤٥}⁣[البقرة].

  وعلى كل مؤمن صلى أن لا يصلي مع من لا يتولى، ولا يتخذه في صلاته له سترا، لأن الله لم يجعل له زكاة ولا طهارة، وليس لأحد أن يستتر بغير طاهر من كل ما يستتر به ساتر، وإذا فسد أن يصلي للدنس والنجس إلى قبلة أو حجر⁣(⁣١) فكيف يجوز أن يصلي خلف ظالم أو فاجر وهو أدنس من القبلة والحجر دنسا، وأنجس مما نجس نجسا؟ وكيف يؤتم ويقدم من يتعدى ويفجر ويظلم وهو عند الله مهان ملعون، ولله بتعديه وظلمه عدو مبين؟ والتقدمة والإمامة تشريف وكرامة، وصلاته ووضوؤه وطهارته غير مقبولة، والمغفرة من الله بجرمه ما أقام عليه غير مأمولة، لأنه يقول سبحانه: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ٢٧}⁣[المائدة]، وإذا لم يتقبل منه وضوءه فليس من المتطهرين.

  وإذا لم يكن متطهرا ولا زكيا نقيا فليس لأحد أن يصلي معه ولا يكون في صلاته مقتديا، وقد وضعنا لهذا في كتاب الطهارة حججا فيها منه بيان وإنارة،


(١) قوله #: «إلى قبلة أو حجر»: القبلة قد تكون من حجر أو غير حجر؛ فالحجر أعم. (من خط السيد العلامة المجتهد محمد بن عبدالله عوض المؤيدي حفظه الله).