مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[القول بالولادة والمشابهة يستلزم إبطال الإلهية]

صفحة 466 - الجزء 1

  المتعالي عن مشابهة كل مصنوع كان أو يكون وكل صنعة.

  وكذلك قالت النصارى: إن الله خلق الأشياء بابنه⁣(⁣١) نفسه، وحفظها ودبرها بروح قدسه، وإن الابن خلق الخلق وفطره، وإن روح القدس حفظ الخلق ودبره، وزعموا أن قوة الخلق غير قوة الحفظ والتدبير، وأن الأب لم ينفرد من ذلك كله بقليل ولا بكثير، وأن حال الأب والابن وروح القدس في الإلهية واحدة، وأن عبادة كل واحد منهم عليهم واجبة.

  وكذلك زعم المشركون من أصحاب النجوم أن الله خلق الحيوان الميت ودبره بالنجوم السبعة، وأن بهن وبما جعل الله سبحانه من القوة فيهن كانت من ذلك كل بريته وكل صنعه⁣(⁣٢)، فأقوالهم كلهم في أن لله ولدا واحدة غير مفترقة⁣(⁣٣)، وفريتهم جميعا في ذلك على الله فكاذبة غير مصدقة؛ إذ شبهوا بالله غيره، فجعلوه ولده ونظيره.

[القول بالولادة والمشابهة يستلزم إبطال الإلهية]

  وفي القول بالولادة⁣(⁣٤) والاشتباه إبطال من قائله لكل إله؛ لأنهما إذا تماثلا واشتبها لم يكن كل واحد منهما إلها، لأنه لا يقدر مع تشابههما أحدهما على إبطال الآخر، وإذا لم يقدر على إبطاله كان عاجزاً غير قادر، ومن كان عن شيء من الأشياء كلها عاجزاً كان عجزه له عن الربوبية والإلهية حاجزاً.

  وإن قال قائل: كان كل واحد منهما قادراً على إبطال نظيره - ففي ذلك أدل الدلائل على نقص كل واحد منهما وتقصيره، وإذا كان كل واحد منهما منقوصا مقصراً لَمْ يَكُنْ من الأشياء كلها لشيء صانعا مدبرا، ليس له كفؤ من الأشياء


(١) في (أ): بأنيّة.

(٢) في (ب): كل برية وكل صنعة.

(٣) في (ب): متفرقة.

(٤) في (أ، ب): في الولادة.