الإستبصار في مختصر كتاب الإنتصار،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

فصل: في الشجاج في الرأس وغيره

صفحة 449 - الجزء 2

  ولو اقتص بها في عضو فمات وجب عليه نصف الدية، لأنه حصل الهلاك بفعل مباح وفعل محظور.

  وإذا كان القصاص في النفس بمكن المقتص الاستيفا، فإن لم يمكنه استأجر، وإن كان في عضو احتمل أن يمكن كالنفس، واحتمل أن لا يمكن بنفسه، لأنه يحتاج التحفظ، وهو مغتاظ، وهذا هو المختار.

  ويستحب للإمام أن يقيم رجلاً من أهل البصر. والديانة، يقيم الحدود ويقتص بإذنه ويرزقه من مال المصالح، فإن لم يكن أو كان ما هو أهم منه فأجرة القيم بالحد في بيت المال. وأما إجرة المقتص.

  فقال ش: على المقتص منه، لأن الإيفاء حق عليه.

  وقال ح: على المقتص، وهذا هو المختار، لأن هذا إسقاط حق، فكانت الأجرة على المستوفي، كما لو اشترى طعاماً، وأراد نقله.

  فإن قال الجاني: هو يقطع طرف نفسه، احتمل أن تجب اجابته، لأن المقصود القطع.

  و احتمل أن لا تجب، وهو المختار، لأن القصاص للتشفي، وإنما يحصل بأمر المجني عليه.

  ولا يقتص من الحامل حتى تضع لقوله تعالى: {فَلَا يُسْرِفْ}⁣[الإسراء: ٣٣]، وذلك اسراف، ولأن النبي ÷ أخر رجم الزانية، فإذا وضعت لم يقتص حتى تسقيه اللباء ثلاثة أيام، إذ لا يعيش إلا به، ثم بعد ذلك إن لم يجد من يرضعه من بهيمة ولا إمرأة وجب التأخير حتى يستغني، وإن وجد من يرضعه ويربيه، جاز القصاص، فإن لم يجد إلا بهيمة أو مناوبة، استحب التأخير، لأن لبن البهيمة يغير طبعه.

  وجاز الاستيفاء، فإن خالف واقتص حيث لم توجد مرضعه، كان قاتلا عمداً، لأن سبيله سبيل من حبس انسانا من الطعام والشراب.