باب: ما يلحق الميت مما يفعل له بعد موته
  فقال أبو لهب تبالك الهذا دعوتنا فأنزل الله تعالى: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ ...} إلى آخر السورة، ثم أمره تعالى بالإعراض بقوله: {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ}[الأنعام: ٦٨].
  وبقوله: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ}[الأنعام: ٦٨].
  وقال: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ}[الأنعام: ١٠٨]، فأعرض ÷ عنهم فلما كبر بادي رسول الله ÷ وأصحابه واستخفافهم بهم أذن الله له بالهجرة ولم يوجبها، فقال تعالى: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}[النساء: ١٠٠].
  فتفرق أصحابه وهاجر بعضهم إلى الحبشة وبعضهم إلى الشام، وكان # يخرج في المواسم يعرض نفسه على قبائل العرب، فلم يقتله أحد حتى قدم الأوس والخزرج من المدينة فعرض نفسه عليهم، فقالوا: إن وراءنا قوم من رهطنا وإنا نرجع إليهم فنعرفهم بذلك، فلما قدموا المدينة أخبروهم بذلك وعرفوهم حاله ÷ فقبلوه، فلما كان وقت الموسم قدموا مكة، وقالوا: قد قبلك قومنا فسر معنا، فوجه إليهم مصعب بن عمير ليعلمهم الدين ويقرئهم القرآن فأعلمهم بالإسلام وأقر أهم القرآن وكان يصلي بهم ثم هاجر ÷ بعد ذلك إلى المدينة، فلما استقر بالمدينة أذن الله له بالقتال، فقال تعالى: {وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ}[التوبة: ٤١]، وقال: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}[التوبة: ٢٩]، وقال: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}[التوبة: ٥]، وكان القتال قبل الهجرة ممنوعاً لأجل الزمان، وهي الأشهر الحرم القعدة، والحجة، ومحرم، ورجب، ولأجل المكان وهو الحرم، كان من: دخله آمن، ولأجل الحال، وهو ضعف المسلمين، فلما حصلت القوة قال تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}[التوبة: ٥]، وهذه الآية تسمى آية السيف نسخت كثيراً من الآي مما تدل على المشاركة، فإذا ثبت ذلك فالمقصود بكتاب السير إقامة الأمر