الإستبصار في مختصر كتاب الإنتصار،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

باب الأمان

صفحة 581 - الجزء 2

  والأرض التي عمرها أهل الشرك ثم افتتحها المسلمون قهراً، وليس فيها كنيسة، أو كانت ثم هدمت، فحكمها حكم ما عمر المسلمون، في أنهم لا يحدثون فيها كنيسة، ولا ديراً ولا صومعة راهب.

  فأما ما كان معموراً في هذه الأرض المقهورة، فإن رأي الإمام تبقيتها للمصلحة بقاها، وإن رأى هدمها هدم، والهدم أولى، لأنها صارت ملكاً للمسلمين.

  وأما عمارة ما خرب فليس لهم ذلك، وفي الحديث عن النبي ÷: «لا تبنى الكنيسة في دار الإسلام، ولا يجدد ما خرب منها».

  والتي مصرها أهل الإسلام، كالبصرة والكوفة، ليس لهم إحداث شيئ من الكنائس ونحوها، وعن ابن عباس: أيما مصر مصره العرب، فليس للعجم أن يحدثوا فيه كنيسة وأما الكنائس والبيع في هذه الأماكن في زماننا فمحمول على أن المشركين عمروها في البرية، ثم اتصلت عمارة المسلمين بها.

  وإن فتح المسلمون ما عمره المشركون صلحاً، عمل على الشريط، فإن شرط أنها دار لهم دوننا، فلهم بناء الكنائس ونحوها، وإظهار الخمر والخنزير والصليب، وإن صالحهم على أن يكون لنا، لم يحدث شيئ من ذلك.

  ويجب عليهم لنا بذل الجزية، وعدم الطعن على العلوم الدينية، وأن لا يسبوا الرسول ÷.

  ويجب علينا لهم الذب عنهم، والإمام مخير بين أن يحكم بينهم بشريعتنا أو يعرض عنهم، لقوله تعالى: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ}⁣[المائدة: ٤٢].

  وإذا تركوا الزنار، أو رفعوا أبنيتهم أو أظهروا معتقدهم في المسيح أنه ابن الله، ولبسوا الفاخر فركبوا الخيول، فإنهم يعزرون، ولا يكون ذلك نقضاً للذمة.