الإستبصار في مختصر كتاب الإنتصار،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

باب: عشرة النساء

صفحة 408 - الجزء 1

  بعدهم من أبنائهم ورأوا آبائهم يعظمون تلك الصور، فظنوا أنهم كانوا يعبدونها من دون الله فعبدوها. وكذلك إذا كان في الولائم أنواع الملاهي من المزامير والطنابير ونحوها إلا أن يعرف أنها تزول لزمه، فإن حضر وسمعها قاصداً إلى سماعها أثم، وإن سمع من غير قصد لم يأثم، لما روى نافع عن ابن عمر قال: كنت أسير معه فسمع زمارة راع فوضع اصبعه في أذنيه، ثم عدل عن الطريق ولم يزل يقول: يا نافع هل تسمع حتى قلت: لا. فأخرج إصبعيه من أذنيه ورجع إلى الطريق، وقال: هكذا رأيت رسول الله ÷ يصنع. فلم ينكر ابن عمر على نافع سماعه، لما لم يقصد السماع، وفعل لنفسه ما هو الأحوط.

  وإذا كان يحضر الوليمة من الأراذل والمختصين بأنواع الفسق، وكانت مجالسهم تزري بمنصب المدعو وتحط من قدره، فالظاهر: أنه لا يستحب له الحضور.

  وإذا دعاه الذمي، وقلنا: بجواز أكل طعامهم، ففي استحباب الإجابة تردد.

  المختار: أنها لا تستحب، لأن طعامهم يعاف، لمباشرتهم للخمور، ولأن استحباب الإجابة لأجل أخوة الدين وهي منقطعة.

  ولو أن الداعي قال: أمرني فلان أدعو من شئت ولم يعين لم تستحب الإجابة ويسقط استحباب الإجابة، بأن يكون المدعو مريضاً أو ممرضاً أو مشتغلاً في جهاز ميت، أو مشتغلاً بتأدية واجب، إزالة منكر، أو طالباً لما ضاع من ماله، أو يخاف في الطريق على مال أو من أذى يلحقه، أو يخاف مطالبة غريم لا يقدر على إيفائه.

  أما الصوم فلا يكون عذراً، بل يستحب الحضور، فإن كان عن فرض دعا لهم، وإن كان تطوعاً استحب أن يفطر ليدخل المسرة على الداعي، وفي الحديث: «إن من موجبات المغفرة إدخالك السرور على أخيك المسلم».

  وإذا أجاب ففي استحباب الأكل للمفطر وجهان: