الإستبصار في مختصر كتاب الإنتصار،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

باب: الرضاع

صفحة 548 - الجزء 1

  وأما إذا سلمت نفسها تسليماً غير تام، بأن قالت: سلمت نفسي في هذا البيت دون غيره، أو في القرية دون غيرها، أو بشرط أن لا تكشف ثيابي، فهذا التسليم لا يوجب النفقة، كما لو قال البائع: أسلمه في هذا المكان دون غيره.

  وإذا لم تسلم نفسها حتى غاب الزوج، وأرادت تسليم نفسها فإنها تأتي إلى الحاكم، فتقول: أنا أسلم نفسي، ويكتب الحاكم إلى حاكم البلد الذي فيها الزوج، ويعرفه، فإذا وصل الكتاب إليه استدعى الزوج وعرفه ذلك، فإن شاء سار أو وكل ليسلمها. وتجب النفقة من وقت التسليم، وإن لم يفعل المسير لخوف ونحوه لم تجب نفقتها، لأنه غير متمكن من المسير.

  وإذا كانت ضئيلة الخلق، والزوج عظيم الخلق يخشى من جماعه الافضاء أو المشقة الشديدة أو كان في فرجها جرح يضر بها وطئه، فإنه لا يجوز وطؤها، لقوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}⁣[النساء: ١٩] ومن المعروف أن يمتنع من إيلامها، ومع هذا تجب نفقتها، لأنه يمكنه الاستمتاع بغير الوطء.

  فإن ادعت أن في فرجها جرح نظرت إليها العدلة. فإن ادعت أنه يلحقها الضرر بجماعه أمر الحاكم عدلة تشاهد حال الجماع من غير حائل، فإن قالت المرأة: أنه يلحقها بالجماع مشقة ويغير في حالها، منع من وطئها، لأن الله تعالى قال: {وَلَا تُضَارُّوهُنَّ}⁣[الطلاق: ٦]، وإن قالت: أنه لا يلحقها مشقة ولا يخاف عليها، أمرت بتمكينه، ولا ينظر إلى دعواها، لقوله ÷: «لو أعطي الناس بدعاويهم ...» الخبر.

  وإذا سافرت في حاجة نفسها بإذنه، فظاهر المذهب أنه لا نفقة لها، وهو قول ح وأحمد، وأحد قولي ش، وهو المختار.

  وأحد قولي ش: أن نفقتها لا تسقط.

  وإذا دفع إلى زوجته قوت يوم، فمات أحدهما أو بانت بالطلاق لم يسترجع ما دفع لأنه دفع ما هو واجب عليه فلم يضر تغير الحال، كما لو استغنى الفقير