الإستبصار في مختصر كتاب الإنتصار،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

باب الوضوء

صفحة 55 - الجزء 1

  ويستحب للأئمة والعلماء والأكابر من الناس تسويتها عند الخروج إلى المجامع، والاطلاع على ذلك في مرآة أو سيف. وعن عائشة اجتمع بباب رسول الله ÷ أقوام فرأيته يطلع في الجب يسوي لحيته ورأسه. وربما ظن الجاهل أنما هذه حاله من الخيلاء والعجب قياساً على أخلاق غيره، وهيهات ثم هيهات، كيف تقاس الملائكة بالحدادين وكان ذلك يعظم نفسه الله ÷ في قلوب من أمره الله بدعائهم إلى الله، وقبل هذا وجب على كل عالم يتصدى للدعاء إلى الله، وهو أن يتبعد عما ينفر الخلق عنه، والاعتماد في هذا على النيات، وهذه أحوال باطنة تنكشف يوم تبلى السرائر.

  ويستحب تطييب اللحية لأن لها شرفاً، فكانت أحق بالطيب. وأما الشارب فقد قال الله ÷: «احفوا الشارب»، وهو يدل على استئصاله، وفي حديث آخر: «حفوا الشارب». أي اجعلوه على حفاف الشفة. أما الحلق للشارب، فلم يرد أنه سنة.

  وقد نقل استئصاله عن بعض الصحابة، والأحسن أن يكون قصه على حد الشفة، لما في ذلك من تحسين الوجه، وإن زيد قليلاً فلا بأس.

  والمستحب ترك السبالين، وهما طرفا الشارب، فلا يقطعان؛ لأن في إزالتهما تشويهاً بالوجه. وقد نقل ذلك عن عمر ري الله عنه وعن غيره.

  ويستحب إزالة الشعر النابت في جانبي الفم؛ لأنه من جملة الشارب، وهو يمنع الأكل ويسمى الفانيكان.

  وإذا طالت اللحية، فأخذ ما زاد على القبضة فلا بأس به عند الأكثر، وقد فعله ابن عمر وجماعة من التابعين، وقال باستحبابه الشعبي، وابن سيرين، والنخعي، وكره ذلك الحسن البصري، وقتادة.

  والمختار: أنها إن تفاحشت في الطول حتى بلغت السرة والعانة. فالمستحب قصرها على الحد المتعارف في الأكثر، لئلا يعرض نفسه للمقت والسخرية.