الإستبصار في مختصر كتاب الإنتصار،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

كتاب: المزارعة

صفحة 101 - الجزء 2

  وتنعقد المغارسة، بلفظها، كقوله: غارستك، وبما في معناه، كاستأجرتك، أو أغرس هذه الأشجار، ولك كذا، ويقول: قبلت.

  ومن شروطها:

  أن يكون الودي وسائر القضبان معلوماً بالمشاهدة، أو بالوصف، والودي: فسيل النخل، وهو بدال بنقطة من أسفلها، وتشديد الياء.

  وأقل مدة المغارسة سنة، لأن لدوران السنة لا يكون للغرس فائدة، وفي أكثر المدة ثلاثة أقوال:

  أحدها: تكون سنة، ولا تجوز الزيادة عليها، لأن الأشياء لا تبقى على حالة واحدة أكثر منها. الثاني: وقيل: يجوز العقد على كل عين بقدر بقائها، فعلى العبد ستين سنة، وعلى الدابة خمس عشرة سنة إلى عشرين، وعلى الدار مائة سنة والأرض مائة وخمسين سنة.

  القول الثالث: أن تكون المدة على قدر أعمار الشجر، وهي تختلف، وذلك معلوم عند أهل العلم بالغراسة، ولهذا يقولون: النخيل أكثر عمراً من الكرم، والكرم أكثر من سائر الأشجار، فالاعتماد على ذلك، وهذا هو الأقوى.

  وما يتكرر في العام، فعلى المغارس إصلاحه، كالسقي، وحرث الأرض، وتهذيب الأشجار لتنمو، وإصلاح البئر والنهر، وما لا يتكرر في العام، فعلى رب المال، كبناء الحيطان، وما ينثلم في الجدران، والمتبع العرف فيما على المالك، وما على المغارس.

  وإذا هرب العامل، فللمالك الفسخ، فإن لم يفسخ، وعمل بأمر الحاكم رجع. فإن لم يكن بأمر الحاكم وعمل أو استأجر، ولا حاكم، احتمل أن لا يرجع، لأنه عمل لنفسه، وأن يرجع للضرورة، والاحتمال الثالث: أنه إن شهد بالرجوع رجع وهذا هو المختار، لأنه لم يتبرع. ويحتمل أن الموقوف عليه الأشجار، لا أجرة عليه لأنه لا يملك الرقبة التي شغلت الأرض، بخلاف المشتري، وهذه