الإستبصار في مختصر كتاب الإنتصار،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

كتاب: إحياء الموات

صفحة 106 - الجزء 2

  والحمى جائز للرسول ÷ لنفسه وللمسلمين، لقوله ÷: «لا حمى إلا الله ولرسوله». ولكن الرسول ÷ ما حمى لنفسه، لأنه لم يملك ما يحمي له من الأنعام، وحمى للمسلمين، وروي أن الرسول ÷ حمى النقيع لخيل المجاهدين والنقيع بالنون إسم المكان الذي حماه الرسول ÷.

  وأما البقيع بالباء، فهو اسم لمقابر المدينة، وليس لأحد من أحاد الناس أن يحمي، لأن هذا كان من عمل الجاهلية وبدعهم فأماته الإسلام، وكان الرجل في الجاهلية المطاع في قومه يستعوي كلباً على شرف من الأرض فأين ما سمع صوته اختص به وشارك غيره في الرعي في غير ما حماه.

  وفي الحديث: «الناس شركاء في ثلاث: في الماء والنار والكلا». وأراد بالنار أن يضرم رجلاً ناراً في حطب مباح مطروح في موات من الأرض، فما هذا حاله يشاركه غيره، لا إذا كان الحطب ملكاً له.

  وروي أن عمر بن الخطاب أتاه رجل، فقال له: إن بلادنا قاتلنا عليها في الجاهلية وأسلمنا عليها، فعلام تحميها؟ فأطرق عمر لكلامه وجعل ينفخ، وكان إذا أهمه أمر جعل ينفخ، ويفتل شاربه وجعل الأعرابي، يكرر ذلك عليه، فقال عمر: (المال مال الله والعباد عباد الله، ولولا ما أحمل عليه في سبيل الله ما حميت شبراً من الأرض في شبر وكان عمر ¥ يحمل على أربعين ألفاً من الظهر). وفي رواية من الخيل. وروي أن عمر حمى موضعاً وولى عليه مولى له يقال له: هنيا، ثم قال له: يا هني ضم جناحيك للناس واتق دعوة المظلوم فإن دعوة المظلوم مجابة وأدخل رب الصريمة والغنيمة. وقوله: ضم جناحك قيل: أراد به التواضع، وقيل: إتق الله. والصريمة، تصغير صرمة بالصاد المهملة: وهي ما بين العشر. إلى الثلاثين من الإبل، وما دون العشر يقال له: ذود، والغنيمة: تصغير غنم.