الإستبصار في مختصر كتاب الإنتصار،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

كتاب: الرهن

صفحة 129 - الجزء 2

كتاب: الرهن

  الرهن في اللغة: الثبوت والدوام، يقال: نعمة راهنة، أي ثابتة دائمة، فلما كان الرهن يثبت في يد المرتهن، سمي بذلك، وهو مصدر قولهم رهنه، ويستعمل في معنى المفعول، كما يقال: صيد بمعنى مصيد، وخلق بمعنى مخلوق، ويقال: هذا خلق الله، أي مخلوقه، وقدرة الله، والمراد: مقدوره، وفي تعديته وجهان:

  أحدهما: رهنته الشيئ، ورهنت عنده الشيئ بمعنى واحد.

  الثاني: أرهنته حكاها ثعلب عن أكثر أهل اللغة، قال الشاعر:

  فلما خشيت أظافيرهم ... نجوت وأرهنتهم مالكا

  وأنكر الأصمعي هذه اللغة.

  ومن الأدلة على جواز الرهن أن النبي ÷ واقترض من أبي شحمة اليهودي ثلاثين صاعاً من شعير لأهله بعدما عاد من غزوة تبوك بالمدينة ورهن عنده درعه وكانت قيمتها أربعمائة درهم وشحمة بالشين بثلاث من أسفلها وبالحاء المهملة.

  وهذا الحديث قد دل على فوائد:

  وهي جواز الرهن، وأن الحضر في الجواز، كالسفر خلافاً لسعيد بن جبير ومجاهد وداود الأصفهاني.

  وجواز معاملة من في ماله حلال وحرام، إذا لم يسلم عين الحرام، لأن اليهود يستحلون ثمن الخمر والربا. وجواز معاملة اليهود، إذ لا فرق بين الرهن وبين غيره.

  واستحباب العدول عن منة الغير لأنه ÷ عدل عن الافتراض من مياسير الصحابة، كعثمان، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، مخافة أن يعطوه من غير عوض.

  وجواز الرهن على الشيئ بأكثر من قيمة المرهون فيه.