كتاب الوديعة
  ولو أودع دراهماً في كيس [لمالكها](١) فنقلها المودع إلى كيس آخر، فإن كان الكيس مختوماً أو مربوطاً ضمن، وإن لم أحتمل الأمرين.
  المختار: أنه يضمن، لأنه متعد، فصار، كالمختوم.
  وإذا أخذ درهماً من الطبق، ثم رده إلى الدراهم ولم يتميز احتمل أن يضمن الكل لاختلاط المضمون بغير المضمون، واحتمل أن لا يضمن إلا الدرهم، هذا هو المختار، لأن الأصل براءة الذمة.
  وإذا نهاه عن القفل فأقفل، فعن ك: يضمن لأنه أغرى السارق.
  والمختار: أنه لا يضمن، لأنه زاد خيراً.
  فإن قال: ضعها في بيتك ولا تدخل عليها أحداً، فأدخل جماعة، فإن سرقوها أو دلوا ضمن، لأن تلفها حصل من الوجه الذي نها عنه. وإن تلفت بغير ذلك فلا ضمان.
  وإذا أودعه خاتماً، وأذن له بلباسه في الخنصر، فلبسه في البنصر لم يضمن، لأنه أحفظ، إلا أن يتكسر لضيقه، وإن أذن له بلباسه في البنصر، فلبسه في الخنصر.، ضمن لأنه دونه لكونه أدق.
  وإن دفن الوديعة ولم يعلم أحداً، وأعلم فاسقاً، ثم سافر ضمن لأنه عرضها للذهاب. وكذا إذا علم بها أميناً في قرية أخرى، لأنه لم يودعها معه.
  وإذا اختلفا في مقدار ما أنفق الوديع، فالقول قول الوديع في الكفاية فإن اختلفا في مدة الانفاق، فالقول قول المالك. وإذا لم يأذن له المالك بالإنفاق، فعن ح: أنه لا يلزمه سقيها وعلفها.
  والمختار: أنه يلزمه، لأن للبهيمة حرمتين لمالكها ولنفسها، فتبقى حرمة نفسها، وفي الحديث: «لما عرج بي إلى السماء رأيت امرأة تعذب فقلت: ما بالها يا جبريل، فقال: إنها ربطت هرة لم تطعمها ولم تسقها ولم تدعها تأكل من خشاش
(١) في ب: لصاحبها.