الإستبصار في مختصر كتاب الإنتصار،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

فصل: والحلف يحمل على العرف

صفحة 213 - الجزء 2

  وإن حلف أن لا يأكل السكر فوضعه في فيه حتى إنماع ودخل بطنه، فحكى الغزالي أنه لا يحنث.

  والمختار أنه يحنث لأن حقيقة الأكل والازدراد قد حصلا.

  وإن حلف لا أكل الخل، فغمس به الخبر حنث، لأنه صار أكلاً له ولو جعل في السكباج لم يحنث، كما لو حلف ألا يأكل البيض، فعجن به الدقيق. وسئل بعض الأذكياء عمن حلف لا أكل البيض، وليأكلن ما في كم صاحبه وكان بيضاً فقال إنه يعجن به الدقيق.

  وإن حلف لايشرب عسلاً ولا سمناً فأكلهما لم يحنث، لأن الشرب يخالف الأكل ولا يحنث بالمجاز، إلا إذا نواه فلا يحنث بلحم السمك من حلف من اللحم من أن الله قد سماه لحما بقوله: {لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا}⁣[النحل: ١٤]. ولا يأكله في ضوء الشمس وقد حلف ألا أكل على سراج مع قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا ١٣}⁣[النباء]. ولا يحنث إن حلف أن لا وقف تحت سقف مع قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا}⁣[الأنبياء: ٣٢]. ولابدخول عرصة الدار مع قول لبيد: عفت الديار محلها فمقامها.

  والمختار: أنه إذا حلف أن لا يسكن دارا فتخلف لينقل ماله أنه لا يحنث. وإذا حلف لايدخلها فدخلها برجل واحدة فإنه لا يحنث. وإذا حلف لايدخل دار فدخل الكعبة أو المسجد أنه لا يحنث فإن حلف لا دخل بيتا، احتمل أن يحنث بدخول الكعبة والمسجد لأن الله تعالى قال: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ}⁣[المائدة: ٩٧]. وقال: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ}⁣[النور: ٣١]. وأراد المساجد [واحتمل]⁣(⁣١) أن لا يحنث، وهو المختار، لأن لهما اسماً خاصاً. ويحنث ببيت الشعر إن كان بدوياً لا قروياً ولا يحنث بالحمام لأن له اسماً خاصاً.


(١) في ب: ويحتمل.