فصل: لا تقبل نية الحالف.
  وإن حلف ليضر بن عبده مائة ضربة بر بالعثكول، لا إن حلف ليضربن مائة مرة لم يبر إلا بالتفريق. وإذا حلف لا تسربي، فقال حوص: يحنث بوطئها، أنزل أم لا إذا منعها من الخروج، لأن اشتقاقه من السري وهو سخاء في مرؤءه، فكأنه أراد أن يجعلها أسرى الجوراي وأعظمهن عنده، وإليه الإشارة بقوله تعالى: {قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا ٢٤}[مريم] وهذا لا يحصل إلا بسترها عن الأعين ووطئها. وقال ش: لا يحنث حتى يمنعها من الخروج، ويطأ وينزل، لأنه مأخوذ من السرور وهو لا يحصل إلا بما ذكرنا. وقال أحمد بن حنبل: يحنث بالوطء وحده، وإن لم ينزل لأن التسري مشتق من سراة الظهر، وكأنه حلف لا يتخذها ظهراً، والجارية تتخذ ظهراً، وفي المسألة احتمال رابع أنه يحنث بوطئها مع الإنزال، إن لم يمنعها من الخروج لأن التسرى في العرف: اتخاذ الجارية للولد.
  والمختار: أنه مشتق من السرور وهو يحصل بالوطء والإنزال. وإذا حلف ليقضين رأس الشهر، فعند القاسمية: القضاء في ليلة أول يوم من الشهر، لأن رأس كل شيء أوله، فلما لم يضبط جعل الليل جميعه، كنية الصوم.
  وقال ح: الليلة ويومها المستقبل، لأن الشهر عبارة عن الأيام والليالي، فلما كان رأسه أول ليلة تبعها اليوم.
  وقال ش: إنما يبرأ بأول جزء من الليلة، فإن فرط حنث، وهذا هو المختار، لأن إطلاق الرأس إنما يكون على أول جزء.
  وإذا قضاه قبل دخول الليلة، فإن فوت القضا بإختياره. فإن حلف ليقضيه حقه إلى حين فإذا قضاه في عمره بر.
  وإذا حلف لا فارق غريمه، فتعليق اليمين يكون بمفارقة الحالف، وبمفارقة من عليه الدين وذلك ظاهر، وقسم ثالث أن يقول: لا افترقت أنا وأنت حتى توفيني حقي، فقد تعلقت اليمين بفعل كل واحد منهما على الانفراد، وقسم رابع: وهو أن يحلف لا أفترقنا، فيحتمل أن لا يحنث حتى يفارق كل منهما