كتاب النذور
  الورع ما يمقت الله عليه»، وإن كانت تطلب في العادة، فالأفضل التقاطها، ويجوز الترك، وأما الحيوان فإن كان لايخشى عليه، كالإبل والبقر والخيل فالواجب تركه، وإن كان يخشى عليه، كالغنم استحب أخذه ويجوز تركه.
  ومن أدلة اللقطة ماروي أبو ثعلبة الخشني، أنه قال للرسول ÷: أفتني في اللقطة، فقال له: «ما وجدته في طريق ميتا أو قرية عامرة فعرفها سنة، فإن وجدت صاحبها، وإلا فهي لك، وما وجدته في طريق غير ميتا أو قرية غير عامرة، ففيها وفي الركاز الخمس». قال أبو عبيدة الهروي: الميتا، هي الطريق العامر المسلوك، ومنه قوله ÷ لما توفي إبراهيم فبكى عليه وقال: «لولا أنه وعد صدق وقول حق وطريق ميتا لحزنا عليك يا ابراهيم أشد من حزننا».
  وقيل: معنى الميتا: أن يأتي عليها الناس، وكلاهما جائز يصدقان عليه.
  ومن كان أهلاً للأمانه والولاية والكسب صح التقاطه، وذلك هو المسلم العدل، الحر، المكلف، فأهل الحرب وعبدة الأوثان ليسوا من أهل الإلتقاط في دار الإسلام والذمي فيه احتمالان:
  يصح، لأن له ذمة صحيحة ويصح منه الإستيداع.
  ويحتمل أن لا يصح، وهو المختار، لأنه ليس من أهل الولاية والأمانة، فإن قلنا بصحة التقاطه لم تقر اللقطة في يده بل ينزعها الإمام الحاكم من يده.
  وأما الفاسق، ففي صحة التقاطه احتمالان:
  يحتمل أن لا يصح، لأنه من أهل الفجور، فليس أهلا للإمانة.
  ويحتمل أنه يكره، وهذا هو المختار، لأنه لايؤمن من الأخذ والكتمان، التقاطه، ولكنها لا تقر في يده، بل تنزع إلى يد أمين، أو يجعل ناظرا عليه(١)، فإذا انتهت مدة التعريف، كان للفاسق أن يتملكها.
(١) في ب: عليها.