شافي العليل في شرح الخمسمائة آية من التنزيل،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

(سورة الحجرات)

صفحة 314 - الجزء 1

  مجملة مبينة بالظن من غير امارة صحيحة، ولا سبب ظاهر، كأن يظن بالستير الفساد.

  وفي الحديث «اياكم والظن، فان الظن أكذب الحديث».

  {وَلَا تَجَسَّسُوا}: وفي الحديث خطب رسول الله ÷ فقال: «يامعشر المسلمين، من آمن بلسانه ولم يخلص الايمان الى قلبه لا تتبعوا عورات المسلمين، فان من تتبع عورات المسلمين تتبع الله عورته حتى يفضحه ولو فى جوف بيته».

  وهو يقرب من قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.

  وقال في شرح الابانة عن الناصر: أنه يجوز التجسس للمصلحة كزيادة الانزجار.

  {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا}.

  سئل رسول الله ÷ عن الغيبة فقال: «أن تذكر أخاك بما يكره، فان كان فيه فقد اغتبته وان لم يكن فيه فقد بهته».

  وظاهر هذا التفسير أنه إذا لم يكن يكره ذلك لم تكن غيبة ولو قصدت نقصه، وظاهر تفسير أصحابنا أن قصد النقص كاف. ثم ان ظاهر الحديث تحريم غيبة الفاسق لعمومه، سواء ذكر بخصال الفسق التي فيه أو بغيرها وهو قول النووى، والفزالي وغيرهما.

  وقد ذهب كثير من العلماء، وهو المختار للمذهب الى جواز غيبته مطلقا، وهو مفهوم من الآية الكريمة ويدل على ذلك قوله تعالى: {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ ١٣} في الوليد ابن المغيرة، وسيأتى.