شافي العليل في شرح الخمسمائة آية من التنزيل،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

(سورة آل عمران)

صفحة 77 - الجزء 1

  دلت على جواز لعن الكفار، وهو متفق عليه في غير المعين وأما المعين فكذا من قد علمنا أنه أهل النار كأبي لهب وأما من لم نعلم فأيضا الأكثر انه يجوز وأشار الغزالي إلى أنه لا يجوز لجواز أنه يتوب قبل موته وذكره القنوى من علماء الشافعية وعله بأمرين أحدهما: أن في نص المعين جزما بأنه من أهل النار وذلك مجهول لنا لجواز حسن الخاتمة.

  وثانيهما: أن معنى لعن الحى تثبيته على سبب اللعن كما أن معنى الدعاء بالرحمة له والمغفرة تثبيتا له على سببها وذلك يحرم علينا هذا مع مافي اللعن من النهى ومنه قوله ÷ لعن المؤمن كقتله وقيل له ادع على المشركين فقال: «أني لم أبعث لعانا وانما بعثت رحمة» وقد تقدم حديث قوله ÷ «ليس المؤمن بالطعان، ولاباللعان» وغير ذلك.

  وعند الجمهور: أنه جائز عملا بالخبر، وان كان في نفس الأمر مشروطا.

  ويدل عليه انه قد جاز لعن غير المعين اتفاقا نحو: «لعن الله من غير منار الارض ولعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال» «لعن الله من لعن والديه» «لعن الله المصورين» وغير ذلك مع حصول الامرين اللذين زعما في المعين والفاسق عندنا كالكافر في جواز لعنه وقال: أبو هاشم: الفاسق الفاطمي لا يلعن لحزمة رسول الله ÷.

  {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} الآيه.

  صرح في قبول توبة المرتد، وعن احمد بن حنبل لا تقبل، احتجاجا بالآية الثانية وهي قوله {لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ} قلنا كناية عن عدم وقوع التوبة، كما جعل عدم العلم بالشيء كناية عن عدمه نحو {أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ} وقوله {تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ} وقوله {وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا}.

  وكذا قد يكنّى بعدم لدليل لعدم المدلول كما في قوله تعالى {يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا}. {وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا}.