تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في بيان ما يجب به الصوم في رمضان والإفطار، وكيفية الصوم، وشرائطه، وما يتبع ذلك من الأحكام

صفحة 358 - الجزء 2

  والقيل هو للقاضي زيد، وهو «أنه يكفي خبر عدلتين»، والمختار عدم قبولهما في ذلك، فلا يجب العمل، بل لا بد من رجلين أو رجل وامرأتين فطراً وإمساكاً.

  وهو يجب العمل بخبر العدلين بأحد تلك الأمور (ولو) كانا في الخبر (مفترقين) إما فرقة أبدان: عند الشهادة أو عند الرؤية للهلال أو نحوها، بأن يشهد أحدهما في موضع بالرؤية والآخر أخبر في موضع آخر والرؤية في موضع آخر، وكذا نحوهما من قول المفتي وغيره، أو كانا مفترقين فرقة أقوال، بأن أخبر أحدهما بالرؤية، والآخر بقول المفتي أو غيره من تلك الأسباب، فافتراقهما في أحدها لا يضر، ويجب العمل بخبرهما مع ذلك، والله أعلم.

  مَسْألَة: (وليتكتم) وجوباً (من انفرد بالرؤية) أو نحوها من سائر أسباب وجوب الصوم أو الإفطار، فيصوم ويفطر بما حصل له متكتماً في صومه وإفطاره ولا يُظْهِر فعله؛ لئلا يتهم، سيما إذا أفطر آخر رمضان والمسلمون صائمون فإنه يتهم بالزندقة، وقد قال رسول الله ÷: «لا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر يقف مواقف التهم» وكمن يسافر في رمضان فإنه ينبغي له إذا أفطر أن يكون ذلك سراً عن الناس⁣(⁣١)، وكذا فيمن أبيح له الأكل من مال الغير فإنه إذا أراد أن يتناول منه شيئًا كان سراً؛ إذ يُخشى أن يراه من ينكر عليه، وكذا في مواضع التهم. فمن رأى الهلال أو نحوه وحده صام أوأفطر كاتماً لصومه وفطره، إلا إذا كان مفتيًا أو حاكمًا فإنه لا يكتمه⁣(⁣٢)؛ إذ يمكنه أن يقول: «صح عندي» فيعمل الناس بقوله ولا تهمة بعد، وأما رؤية الهلال ونحوها فإنه لا يكتمها راء، بل يقول: رأى راءٍ الهلال؛ لجواز أن يحصل معه غيره فيها أو نحوها، والله أعلم. هذا في هلال رمضان وشوال، وأما هلال عرفة فإنه لا يكتم فعله في المناسك من الوقوف والنفر وغير ذلك إذا انفرد برؤية هلال الحجة، ووجهه أنه شك في الحج، ولئلا يفوت الحج⁣(⁣٣)، والله أعلم.


(١) إذا كان سفره غير ظاهر. (é). (شرح).

(٢) إذا قال: «صح عندي» وإلا فكسائر الناس. (é). (شرح).

(٣) وفي هامش شرح الأزهار عن البحر ما لفظه: والفرق بين هذا وبين الوقوف أنه يمكن التكتم في الصوم لا في الوقوف.