(باب الاعتكاف)
  (و) إذا فرغ مما يجوز له الخروج له فإنه (يرجع) إلى مسجده الذي هو معتكف فيه، وذلك إذا(١) كان رجوعه (من غير مسجد) لا إذا كانت حاجته التي خرج لها في مسجد كالجمعة ونحوها فإنه إذا فرغ منها لا يعود من ذلك المسجد الذي صلى فيه، بل يتم اعتكافه في ذلك المسجد، فإن عاد منه فسد اعتكافه بذلك، إلا أن تعرض له حاجة أخرى في ذلك المسجد الذي شرع اعتكافه فيه فإنه يجوز له الرجوع إليه، كأن يكون فيه ما يحتاج إليه في الوقوف من الفراش أو مصحف أو شيخه الذي يقريه أو مدارسة في القرآن؛ ومن ذلك أن يكون هناك غرض أفضل من جماعة أو يكون الأول أفضل فإنه يجوز له الرجوع لهذه الأمور ولا يفسد اعتكافه.
  وأما إذا كانت الحاجة في غير مسجد فإنه يرجع بعد قضائها إلى المسجد (فوراً) من دون تراخٍ، ويدخل من أقرب باب في المسجد، فإن دخل من الأبعد بطل اعتكافه. ولا يلزمه لو وجد مسجدًا أقرب من مسجده في طريقه أن يقف في ذلك المسجد الأقرب، وهو ظاهر قوله: «من غير مسجد»، فيرجع إلى مسجده ولو وجد أقرب منه. (وإلا) يرجع فوراً (بطل) اعتكافه بالتراخي عن الرجوع بعد الفراغ مما جاز له الخروج له.
  ومن الأعذار المبيحة للخروج من المسجد انهدامه مع خشية الضرر لو وقف، فينتقل إلى مسجد آخر ولا يفسد الاعتكاف، وينتقل إلى أقرب مسجد إلا لغرض له في الأبعد. ومن ذلك: الإكراه على الخروج، وحدُّه: ما يخشى معه الضرر أيضاً، فينتقل منه كذلك، ويبني على اعتكافه الأول في الصورتين، والله أعلم.
  مَسْألَة: (ومن حاضت) وهي معتكفة أو تنفست أو طرأت عليها عادة أو مرضت مرضاً يباح معه الفطر (خرجت) من المسجد فوراً، ولا يجوز لها الوقوف، أما في الحيض والنفاس فظاهر، وأما في العدة فلأنه يجب عليها التربص لها في البيت. (وبنت) على ما قد مضى من الاعتكاف ولا تستأنف (متى طهرت) من الحيض
(١) في (ج): «إن».