تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب الاعتكاف)

صفحة 423 - الجزء 2

  لا الليلة فتبني على ما مضى منها وتتم مع العود باقيها بعينه، لكن إن تراخت أثمت على القول بأن الواجبات على الفور، ولا يلزم الاستئناف لذلك، وحيث يكون معينًا أو في حكمه أو متتابعًا وثَمَّ مانع من اتصال بعضه ببعض - وهذا هو المراد بقوله في الأزهار - فإنها تخرج لذلك العارض، ومتى طهرت أو انقضت عدتها فإنها تعود فوراً إلى مسجدها، فإن كانت في الليل لم تتراخ ساعة؛ لأن الليل يتبعض، فإن تراخت لغير عذر كان ذلك كما لو كان لا مانع من الاتصال، يجب عليها الاستئناف، فقد بطل اعتكافها من أوله، وإن كانت في النهار دخلت المسجد قبل الغروب ولا يضر تراخيها بعض النهار؛ لأنه لا يتبعض، فإن تراخت إلى بعد الغروب فكالليل، والله أعلم.

  مَسْألَة: (وندب) للمعتكف (فيه) يعني: في الاعتكاف (ملازمة الذكر) لله تعالى والاشتغال بالطاعة ودرس القرآن، وهو أولى من التنفل، وكذا درس العلم، وهو أفضل من درس القرآن، والمراد إذا خلا دريس القرآن عن فهم بعض معانيه، وإلا فهو العلم كله، فإذا فهم من معانيه فهو تالٍ ودارسٌ للعلم. والمراد أن المعتكف لا يخلو وقوفه عن الطاعة؛ ليتمحض الوقوف لذلك، ويترك ما لا يحتاج إليه من المباح، فإن فعل فلا بأس؛ إذ هو تابع للطاعة حيث لا أذية فيه، وإلا حرم. ويكره الاشتغال بما لا قربة فيه، سيما البيع والشراء؛ لما في ذلك من النهي، والاشتغال بالكلام المباح، ونحو ذلك.

  مَسْألَة: ويجب على المعتكف وعلى غيره التحرز من كل قبيح حيث يغلب في الظن حصوله، ويتجنب من كل خصومة في غير حق، ومن المجادلة في الباطل، وأما بالحق فإن قصد بها يعلو⁣(⁣١) على صاحبه لم يجز، وإن قصد بها الإرشاد إلى الحق جاز ما لم يجرح قلب صاحبه إن كان من أهل الدين، لا المخالف المبتدع فيجوز ولو جرح صدره، هذا في مسائل الاجتهاد، لا إذا كان من المسائل العلمية فإنه يجوز مطلقاً ولو جرح قلب صاحبه.


(١) في البيان: العلو.