تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في صوم التطوع عموما وخصوصا، أعني: ما ورد فيه أثر عام أو خاص

صفحة 425 - الجزء 2

  رجب فيها»، وإنما قال: «لا رجب فيها» لأنه لو كانت السنة برجبها لكان فيه نوع مناقضة؛ إذ يكون أفضل من نفسه، أو يلزم تعدده إلى ما لم يرد الشرع بتعدد الثواب إلى ذلك القدر؛ إذ يكون لو دخل فيها رجب كل يوم عنه بسنة؛ ويستحب خصوصاً يوم سبعة وعشرين منه، فقد ورد «أن من صامه كتب له صوم ستين شهرًا»، وهو أول يوم هبط فيه جبريل # على النبي ÷ بالرسالة. نقل من محاسن الأزهار. وسمي رجبًا لأنه كان⁣(⁣١) لا يسمع فيه صوت السلاح؛ لأنه محرم القتال فيه، وكذا «أصم» كأن الإنسان إذا دخله كان أصم عن سماع السلاح، ويقال: «رجب الأصب» لانصباب الرزق فيه، وسمته العرب لذلك المعنى؛ وسُمي «الفرد» لأنه منفرد عن سائر الأشهر الحرم.

  ويستحب أيضاً الصوم في شهر محرم، عنه ÷: «أفضل الصيام بعد شهر رمضان صيام شهر الله المحرم».

  (و) يستحب صوم شهر (شعبان) عنه ÷ أنه قال لعلي #: «شعبان شهري، ورجب شهرك يا علي، ورمضان شهر الله»، وأقرب ما يوجه به المراد هنا أن شعبان أبلغ في تسهيل صيامه على النبي ÷ على سائر الطاعات، وكذا في رجب، ورمضان فرضه الله تعالى، لا أنه حبب إليه؛ إذ الأولى في محبة ما فرضه الله أولى من غيره؛ لكونه أولى وأفضل. ويستحب لمن صام شعبان أن يفصل بينه وبين رمضان بيوم يفطر فيه؛ ليكون فارقاً بين الفرض والنفل إن لم يكن ذلك يوم شك.

  (و) مما يندب صومه (أيام البيض) وهي ثلاثة أيام في كل شهر: ثالث عشر، ورابع عشر، وخامس عشر، فقد جاء عن النبي ÷: «من صامهن فكأنما صام الدهر»، وذلك لأن الحسنة بعشرة أمثالها، فكان كل يوم بعشرة، فيكمل الشهر بصيامهن، وإذا لازمهن في كل شهر فقد صام الدهر. وسميت بيضًا لإضاءة القمر


(١) في هامش شرح الأزهار: سمي رجب الأصم لأنهم كانوا لا يسمعون فيه إلخ، ونحوه في النهاية، ولم يذكرا أنه سمي رجبًا لأنه كان إلخ.