تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب الاعتكاف)

صفحة 427 - الجزء 2

  ورد «وأتبعه ستاً من شوال» فهو مخرج على الغالب. وقد ورد من فضلها «كأنما صام الدهر» إذ يضم أجرها إلى أجر صوم رمضان؛ إذ أيام رمضان أجرهن بثلاث مائة يوم، ويضاف إلى ذلك ستون عن صوم هذه الست من شوال، تكمل سنة كاملة؛ إذ الحسنة بعشر أمثالها، فلله الفضل والمن، وله الثناء الحسن. وهو يقال في صوم هذه الأيام وغيرها [من سائر المندوبات: ولو صام ذلك عن واجب فإنه يؤجر ذلك الأجر بجعله في ذلك اليوم الأخص، وثواب الواجب]⁣(⁣١) أجزل ولا إشكال.

  (و) من ذلك صوم يوم (عرفة) وهو اليوم التاسع من شهر ذي الحجة، ولو وافق يوم جمعة، فإن صام قبله يومًا فأفضل، واستحبابه للحجيج وغيره، وقد جاء عنه ÷: «أنه يكفّر السنة الماضية والمستقبلة»، والمراد بتكفير الماضية ظاهر، وهو محو السيئات الحاصلات من أعمال المكلف فيها، وأما المستقبلة فلعل المراد به تحصيل لطف للمكلف يترك به سبب⁣(⁣٢) الأثام، فكأنه كفَّر عنه، وفضل الله واسع، وهو اللطيف الخبير.

  (و) يندب صوم يوم (عاشوراء) وهو العاشر من شهر محرم الحرام، فإن صام معه التاسع فأفضل، وقد روي عنه ÷ أنه لما صام العاشر قيل له: إن هذا اليوم تعظمه اليهود ويقولون: إن الله سبحانه أظهر فيه موسى على فرعون لعنه الله، فقال ÷: «إذا كان العام القابل صمنا التاسع»، ويحمل أنه أراد مع العاشر؛ لما قد ورد في العاشر من الأثر، عنه ÷: «أن صومه كفارة سنة»، والمراد بالتكفير هنا وغيره الصغائر، أو الكبائر مع التوبة، ويكون ذلك العمل كالقربة إلى الله تعالى في قبوله التوبة، والله أعلم.

  ويستحب أن يصلى في هذا اليوم العاشر من المحرم مثل صلاة العيد ووقتها، ويقرأ فيه {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} ألفًا، أو مائة مرة⁣(⁣٣).


(١) ما بين المعقوفين ساقط من (ج).

(٢) في (ج): «أسباب».

(٣) في هامش شرح الأزهار: ألف مرة.