(باب الاعتكاف)
  مَسْألَة: (و) الصائم (المتطوع) بصومه (أمير نفسه) إن شاء أتمه وإن شاء أفطر، وسواء في ذلك قبل الزوال وبعده فلا إثم عليه بالإفطار، إلا أنه يكره الفطر في الأيام المخصوصة كالخميس وعرفة ونحوه قبل الزوال وبعده. روي عن النبي ÷ أنه قال لأم هانئ أخت أمير المؤمنين - وهي أخته من الرضاع(١) - بعد أن شرب من لبن وناولها تشرب وقالت: إني كنت صائمة، فقال: «الصائم المتطوع أمير نفسه، فإن شئت فصومي وإن شئت فأفطري» فهذا دليل جواز الإفطار في التطوع ولو قد صار بعد الزوال؛ إذ لم يفصل، إلا أن يكون قد أوجب صوم ذلك اليوم باللفظ - لا بالنية؛ إذ ليست من ألفاظ الإيجاب - فإذا قد أوجبه كذلك حرم إفطاره.
  ويستحب لمن دُعي إلى طعام وهو صائم أن يجيب، ولعله ولو بعد الزوال(٢). (لا) من يجب عليه تبييت النية كـ (القاضي) ونحوه (فيأثم) إذا أفطر بعد الفجر وقد نوى الصيام قبله عن رمضان أو قضاء نذر معين، وكذا عن أداء النذر المطلق والكفارات، فبعد الإصباح صائمًا عن شيء منها لا يجوز الإفطار، ويأثم إن أفطر، إلا إذا غير النية قبل الفجر وعزم على عدم الصوم فإنه يجوز له الفطر في ذلك اليوم وإن كان قد نوى؛ لحصول تغييرها قبل الإصباح، والله أعلم.
  (إلا لعذر) يبيح الإفطار وأفطر لأجله فلا إثم، وذلك كالسفر ونحوه مما يخشى معه الضرر أو ضرر الغير.
  مَسْألَة: (وتلتمس) ليلة (القدر) بالدعاء والاستغفار والصلاة وتلاوة القرآن، لا أنه يلتمس نور أو غيره مما يعتقده العامة فبدعة. والتماسها يكون (في) ليلة (تسعة عشر وفي الإفراد بعد العشرين من رمضان) وهي: ليلة إحدى وعشرين وثالث وخامس وسابع وتاسع وعشرين، فمن التمسها في ذلك فقد أدركها بالإجماع؛ إذ
(١) أي: أخت النبي ÷.
(٢) وفي هامش شرح الأزهار: وإذا سئل المتطوع قبل الزوال استحب له أن يفطر، لا بعده فيكره للسائل والمسؤول.