(فصل):
  فعليه حجة الإسلام»، وهذا أيضا شرط في الوجوب، فالمراد بعدم صحة الحج من العبد عن حجة الإسلام، لا نفلاً أو أجيراً عن الغير بإذن سيده فيصح، وسيأتي.
  الثالث: أن يكون (مسلم) فلا يصح من كافر، لا الوجوب فهو يجب عليه؛ لمخاطبة الكفار بالشرعيات عندنا، عنه ÷: «أيما أعرابي حج ثم أسلم فعليه حجة الإسلام» فعلم بقوله: «ثم أسلم» أن المراد بالأعرابي الكافر.
  الرابع: أن يحج (بنفسه) فلا يصح أن يستنيب عنه غيره في الحج فرضاً ولا نفلاً إلا بعد فعل الأركان الثلاثة كما يأتي. ومن زال عقله فإنه ينوب عنه رفيقه، يعني: يفعل به أيام الحج، لا أنه ينوب عنه بفعلها، وسيأتي إن شاء الله تعالى.
  (و) يصح أن (يستنيب) غيره يحج عنه، وذلك (لعذر) إذا كان ذلك العذر مانعاً له من أن يحج بنفسه وكان (مأيوس) الزوال إلى الموت، كأن لا يمكنه الاستمساك على الراحلة، أو خوف في الطريق، أو نحو ذلك لكبر في السن أو لعلة، وكان ذلك العذر لا يرجى زواله إلى الموت، والمراد بعد أن قد وجب عليه بإمكان الاستمساك والأمن وغير ذلك وعرض له ذلك المانع بعد الوجوب. ومن ذلك عدم المَحْرَم ولم ترج حصوله إلى الموت، فإنه يجوز لمن حصل له ذلك أن يستنيب من يحج عنه ولو كانت حيّاً سويّاً، وكذا الفقير إذا لم يكن له شيء من المال(١) يحج به وقد وجب عليه الحج من قبل ومعه ما يكفيه الآن للتحجيج، ولا يكفيه لنفسه، وأيس عن حصول ما يكفيه إلى الموت فإنه يجوز له الاستنابة وتصح. فأما النيابة لغير عذر أو لعذر يرجى زواله فإنه لا يصح ولو انكشف حال ذلك العذر الإياس منه؛ اعتباراً هنا بالابتداء لما استناب والعذر يرجى زواله فإنه لا يصح ولو انكشف أنه مأيوس، وقد خالفت الهدوية أصلها هنا باعتبار الابتداء، ووجه عدم اعتبار الانتهاء هنا أنه لم يفعله بنفسه، فاعتبر الابتداء، فتأمل. وهذا فيما إذا لم يكن قد فعل الأركان الثلاثة، فإن كان قد فعلها فله أن يستنيب للعذر ولو مرجوّاً إن كان له وقت مؤقت، كالرمي والمبيت بمنى وليلة
(١) في هامش شرح الأزهار: إذا له شيء من المال، وفي هامش البيان: إذا كان له شيء من المال.