تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): [في شروط وجوب الحج]

صفحة 434 - الجزء 2

  والاستطاعة شرط لتحتم الواجب لا للوجوب ولا الصحة؛ إذ يصح الحج من الفقير لو سار حاملاً له غيره، ولو كانت شرطاً في الصحة أو في الوجوب لما صح منه، وكيف يصح منه ما لم يجب عليه كالصغير؟

  واعلم أنه لا يجب الحج بالاستطاعة التي سيأتي بيان أركانها إلا بشرط أن تحصل تلك الاستطاعة (في وقت يتسع للذهاب) من وقت الذهاب وإن كان قبل وقت الحج ولو كان وطنه بعيداً، (والعود) كذلك في وقته، فمتى حصل وجب العزم للحج ولو جوّز عدم استمرار الاستطاعة إلى تمام مناسك الحج والعود، هذا بالنظر إلى وجوب العزم عليه، لا لوجوب الايصاء فلا بد أن يستمر من وقت الذهاب في وقت الحج إلى وقت العود له، فلو تلف المال قبل ذلك لم يجب الايصاء وإن قد حصل في وقت الحج، وكذا سائر أركان الاستطاعة التي ستأتي، فظهر لك أن الحج يجب بحصول تلك الاستطاعة في وقت الحج، وهو لا يجب الإيصاء به لو لم يسر عند حصول الاستطاعة إلا باستمرار تلك الاستطاعة وقتاً يتسع للعود، فلو مات قبل ذلك - أعني: قبل وقت العود - لم يجب عليه الايصاء، وإن مات بعده وجب، وأما إذا كان حيّاً فحيث لا مهنة له يتكل عليها في العود فكذلك يعتبر استمرار وجود المال إلى وقت العود فيجب الايصاء به بعد، وإلا لم يجب، وحيث له مهنة وليس بذي عول فإنه يتحتم⁣(⁣١) الوجوب لوجوب الايصاء باستمرار الاستطاعة ووجود المال إلى كمال مناسك الحج وإن انقطع المال بعد، لا سائر أركان الاستطاعة فيشترط استمرارها إلى وقت العود مطلقاً: سواء كان ذا كسب أم لا. ولا يجب على المكلف حفظ المال الذي حصل له في وقت الحج إلى وقت إمكان العود ليجب عليه الايصاء به، بل له إتلافه ولو قصد بذلك لئلا يلزمه الحج فلا إثم عليه، هذا الحكم واشتراط استمرار الاستطاعة في فريضة الإسلام، وكذا في النذر، فشرط تحتم الإتيان به وجود الاستطاعة كذلك في وقت الحج، ولوجوب الايصاء به يعتبر استمرارها إلى وقت


(١) في المخطوط: يتم.