(فصل): [في شروط وجوب الحج]
  يتسع للعود فيجب الايصاء، وإلا فلا، ولا يجب حفظ المال؛ إذ ما أوجبه العبد على نفسه فرع على ما أوجبه الله تعالى عليه، والله أعلم.
  ومتى حصلت الاستطاعة كذلك وجب على المكلف الحج (مضيقًا) فلا يجوز له التأخير ولو لم يخش فوات الاستطاعة؛ إذ الواجبات على الفور، والحجُّ من جملتها، بل أعظمها عندنا (إلا لتعيين) أحد أمور أربعة جاز التأخير:
  الأول: (جهاد) يتعين عليه، وهو يتعين بتعيين الإمام ذلك الشخص وإلزامه الجهاد، أو يعرف من نفسه أن الإمام أو المسلمين لا يستغنون عنه وإن لم يعينه الإمام. وكذا لو عرف من نفسه احتياج ماله أو نفسه أو أهله أو بلده للذبّ عنه بالجهاد فإنه يجب عليه، ويجوز تأخير الحج لذلك، وذلك لقوله تعالى: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}، والإمام قائم مقام الرسول ÷ في إقامة منارة الدين وإحياء معالمه، وسواء كانت منفعة الشخص شجاعته أو رئاسته أو معنى من المعاني، ولأن الحج وإن كان على الفور فهو موسع في العمر كله، ومصلحته خاصة، ومصلحة الجهاد عامة.
  (أو) لتعيين (قصاص) على الشخص الذي يريد الحج فإنه يجب عليه تقديمه ويوصي للحج، وهو يتضيق عليه بأن يكون للمقتول ورثة وهم كبار، وسواء كانوا حاضرين داخل البريد أو غائبين يحضرون قبل عوده من الحج؛ إذ هو كالدين، وسواء طالبوا به أم لا، فهو كالعين المغصوبة، فان كانوا صغاراً جازت الوصية بالدية من المال - بل وجب - والذهاب للحج؛ لعدم إمكان تسليمه مع صغرهم. ولو اجتمع عليه حج وجهاد وقصاص وتضيقت كلها قدّم الجهاد على القصاص إذا كان فيه مصلحة للمسلمين يلحقهم ضرر بقتله أو أهل ناحيته ولو أمكنه تسليم نفسه إليهم وقد صاروا كباراً؛ لتقديم المصلحة العامة على الخاصة، ويجوز للإمام أن يؤخر ذلك عنه للمصلحة المذكورة، وسيأتي في محله، والله أعلم.
  (أو) لتعيين (نكاح) عليه، ويتضيق بأن يخشى على نفسه العنت بالوقوع في المحظور ولو بالنظر أو أي مقدمات الجماع، فيجوز تقديمه على الحج إذا كان لا