(فصل): يتضمن بيان حكم ما يشرع في الإحرام وقبله، ومكانه، وما يتعلق بذلك:
  (ثم) بعد عقد الإحرام بهذه الكيفية يندب له أمران: (ملازمة الذكر) لله تعالى ولو حائضاً أو نفساء، مظهراً التلبية؛ لأنها شعار الحج، ثم يسير مكبراً مهللاً مستغفراً قارئاً، جاء عن النبي ÷ أنه قال: «جاءني(١) جبريل # فقال: يا محمد، مر أصحابك [فليرفعوا أصواتهم] بالتلبية، فإنها من شعار الحج»، وعن أبي بكر أن النبي ÷ سئل: أي الحج أفضل؟ فقال: «العج والثج»، ومعنى العج: رفع الصوت بالتلبية. والثج: إراقة الدماء للهدي(٢) والضحايا، ومنه {مَاءً ثَجَّاجًا ١٤}، وهذا ما لم يوقظ نائما أو يؤذي جالساً(٣).
  ويلازم (التكبير) لله تعالى بقوله: «الله أكبر» وذلك (في الصعود) وهو كلما صَعِد نشزاً من الأرض ولو صغيراً، ولو كان جنباً أو حائضاً أو نفساء (و) يلازم (التلبية في الهبوط) من الأنشاز وفي البيداء، وهي(٤) المفازة، ولا يغفلها في كل حال راكباً وقاعداً وماشياً وعقيب النوم والصلوات وفي الأسحار، وكذا المحصر يلبي حتى يحل من إحرامه ندباً، وسواء كان سائراً أو واقفاً. فيستحب للمحرم تكرير الذكر كلما انتقل من حال إلى حال في الحج كما يكرر المصلي التكبير كلما انتقل من ركن إلى ركن. ومعنى «لبيك» مثل سعديك، ومعناه: لبيك(٥) تلبية بعد تلبية، والمراد الإجابة، فكأنه قال: إني مجيبك مرة بعد مرة. ومعنى الإجابة هنا أنه واقف على طاعته لا يخالفه. يروى أن زين العابدين رضوان الله عليه لبَّى وهو على جمل حتى سقط من أعلاه، فقيل له في ذلك فقال: «أخاف أن يقول لي: لا لبيك ولا سعديك».
  (و) الأمر الثاني مما يندب للمحرم، وذلك: (الغسل) كغسل الحدث (لدخول الحرم) المحرّم، ويكون قبل دخوله إن أمكن، وإلا فبعده، فلا يسقط بالدخول،
(١) في (ب): أتاني.
(٢) في المخطوطات: للمهدي. والمثبت من هامش شرح الأزهار.
(٣) في هامش شرح الأزهار: جليساً.
(٤) في الشرح: «وهي الأرض المستوية».
(٥) في (ج): «ألبيك».