(فصل): في كيفية انعقاد الإحرام وشرطه وما يتعلق بذلك
  فَرْعٌ: على أصل المسألة الأولى، وهو: أنه ينعقد الإحرام بما ذكر (ولو) فعل المحرم في عقد إحرامه (كخبر جابر) بن عبدالله الأنصاري، قال: كنت جالساً عند رسول الله ÷ في المسجد في المدينة فقدَّ قميصه من جيبه حتى أخرجه من ناحية رجليه، فنظر القوم إليه، فقال: «إني أمرت بهديي(١) الذي بعثت به أن يُقلد اليوم ويُشعر، فلبست قميصي ونسيت، وما كنت لأخرج قميصي من رأسي»، ولعله يحمل الخبر أنه قد كان نوى في ذلك اليوم ولبسه ونسي، أو أنه كان لابساً له(٢). فإذا فعل المحرم كذلك انعقد إحرامه، وذلك بأن يبعث بهدي ويعين له وقتاً يقلد فيه وينوي في ذلك الوقت، ولا بد أن يعين وقت التقليد؛ ليتقارنا، والعبرة بالانكشاف، فإن انكشف أنه لم يقلد الهدي في ذلك الوقت لم ينعقد إحرامه بذلك. وفي الخبر دلالة على أحكام: على وجوب التقليد، وتحريم المخيط، لا أن الناسي لا شيء عليه؛ لاحتمال أنه لم يكن قد أحرم إلا بعد نزعه، وأن التغطية محرمة، وأنه يتلف المال لصيانة العبادة عن النقصان، وأن النسيان يجوز على الرسول ÷.
  مَسْألَة: (ولا عبرة) في النية (باللفظ) بل بما نواه بقلبه (وإن خالفها) اللفظ، وكذا في سائر العبادات، فلو نوى بحجة ولبَّى بعمرة انعقد إحرامه بالحجة، وكذا لو نوى قراناً ولفظ بإفراد فلا عبرة بلفظه وانعقد إحرامه بالقران.
  مَسْألَة: (و) إذا نوى وأطلق لم يعين قراناً ولا غيره فإنه (يضع مطلقه) يعني: مطلق الإحرام (على ما شاء) من حج أو عمرة، من قران أو تمتع أو إفراد، والمراد نفلاً، (إلا الفرض) لو كان مراداً بالنية ولو نذراً (فيعينه ابتداء) ولا يصح أن يعين المطلق عليه، بل لا بد أن ينوي إفراداً أو نحوه. وأما التخيير فيبطل النية بالأصل، فلا يصح لنفل ولا لفرض. ولابد في الفرض أيضاً من نية الفرضية أو حجة الإسلام أو الواجب، فلو نوى الحج مثلاً ولم ينوه عن حجة الإسلام لم يقع عنها، ويضعه على ما
(١) بدنة. ش
(٢) وهو ناس للباس حين نوى. (شرح أزهار).