تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في كيفية انعقاد الإحرام وشرطه وما يتعلق بذلك

صفحة 463 - الجزء 2

  (و) اعلم أنه (يجزئه للفرض) يعني: فريضة الإسلام (ما التبس) عليه (نوعه) وقد علم أصله، والمعنى أنه إذا علم أن إحرامه وقع عن حجة الإسلام لكن التبس هل هو قران أو تمتع أو إفراد فإن هذا [يفعل في أعمال الحج ما مر فيمن نسي ما أحرم له و] يجزئه عن حجة الإسلام؛ لما كان الالتباس في نوع الحج فقط وقد علم أن المحرم به أحدها عن حجة الإسلام، وسواء قد ساق أم لا؛ لعدم تيقن أنه قران، فالأصل براءة الذمة؛ ولذا لم تثن الدماء، وكذا في حجة النذر لو قد علم أنه أحرم عنها لكن التبس نوعه من قران أو نحوه فإنه يفعل كذلك ويجزئه عن الفرض، وهو النذر (لا) إذا التبس (بالنفل) فلم يعلم هل أحرم به عن حجة الإسلام أو عن نفل فإنه يفعل كذلك ولا يجزئه عن حجة الإسلام، (و) كذلك لو التبس بـ (النذر) يعني: هل أحرم بالحج عنه أو عن حجة الإسلام فإنه لا ينويه عن أحدهما، بل يستمر في الذي أحرم به ثم يأتي في العام القابل بالباقي عليه في علم الله تعالى، وقد سقطا عنه جميعاً، فتأمل. وأما لو التبس النذر بالنفل فإنه لا يجزئه عن النذر وإن وجب عليه الإتمام على تلك الصفة فهو ليخرج عما قد أحرم به. وحيث لا يجزئه عن الفرض ولا عن النذر فله أن يخرج عن الإحرام بإتمام العمرة فقط ولا يلزمه إتمام حج بصفة المفرد؛ إذ يصير كالمطلق يخرج عنها بما شاء، وكما لو أحرم بحجة عن حجة الإسلام وعن النذر معاً فإنه لا يقع عن أيهما، ويصير كالمطلق يضعه على ما شاء، والله أعلم، وذلك لأن النذر قد صار فرضاً وحجة الإسلام فرض فلا يصح؛ لتردده بينهما، فيضعه على ما شاء ويبقى عليه النذر وحجة الإسلام، فيأتي بهما بعدُ بحسب الاستطاعة في عامين.

  مَسْألَة: (ومن أحرم بحجتين) أو أكثر نفلا، يعني: نوى كون إحرامه بهما (أو عمرتين) أو أكثر نفلاً أيضاً كذلك - صح إحرامه بهما جميعاً، وسيأتي كيف يفعل في إحرامه، وإنما قلنا: «نفلا» لأنه لو كان الإحرام بنية الفرض فقد مر في من أحرم عن حجة الإسلام والنذر، وهو أنه يصير كالمطلق يضعه على ما شاء من حج أو عمرة ولا يسقط عنه أيهما. قال |: (أو أدخل نسكًا على نسك) كأن يحرم بحجة ثم يهل بعد ذلك بعمرة أو حجة غير التي قد كان نواها أولاً، أو يهل بعمرة ثم يحرم بعدها