(فصل): في بيان ما يحرم فعله في الحرمين
  من عير إلى ثور» جبلين، وفي الحديث الصحيح أن تحريم مكة من يوم خلق الله السماوات والأرض، وقوله ÷ في حديث: «إن إبراهيم # حرم مكة» يعني: أظهر حرمتها؛ جمعاً بين الدليلين، وقوله ÷: «حرمت المدينة» يعني: نزل تحريمها على لساني ولم يسبق زمني. وعن أمير المؤمنين كرم الله وجهه أنه خطب الناس وعليه سيف فيه صحيفة معلقة فقال: (والله ما عندنا من كتاب إلا كتاب الله وما في هذه الصحيفة) فإذا فيها: «المدينة حرام من عير إلى ثور».
  وبيان (محظور الحرمين) هما أمران:
  الأول: (قتل صيدهما) يعني: الصيد الذي يوجد فيهما، وسواء كان حالّاً فيه أم لا، وكذا قطع عضو منه أو إيلامه(١)، وكذا فوائده أيضاً، والفرق بينه وبين فوائد الغصب: أن هذا مطالب من جهة الله تعالى في كل وقت، بخلاف المغصوب فمالكه يختص بالمطالبة. وإذا اشترك جماعة في قتل الصيد تعددت عليهم القيمة؛ قياساً على كفارة [قتل](٢) الخطأ. وسواء كان ذلك الصيد مأكولاً أم لا، مهما كان مأمون الضرر وغير مستثنى، لا هما فيجوز كما في المحرم، وبيان ذلك (كما مر) في محظورات الإحرام سواء في القتل بمباشرة أو تسبيب بما لولاه لما انقتل، إلا أنه لا فرق هنا بين العمد والخطأ، فيلزم في العمد الجزاء والقيمة، وفي الخطأ القيمة لا الجزاء، و [لا فرق بين] البري والبحري لو كان في نهر في الحرم، ولا فرق بين المكلف وغيره كالصبي والمجنون.
  فَرْعٌ: وإذا دخل الصيد المملوك إلى الحرم لم يخرج عن ملك صاحبه.
  (و) إذا رمي الصيد ومات في غير ذلك الموضع فـ (العبرة بموضع الإصابة لا بموضع الموت) كلو أصابه في الحرم ومات في الحل لزمته القيمة، والجزاء إن كان محرماً، ولو رماه وأصابه في الحل فحمل نفسه إلى الحرم لم تلزمه القيمة إذا مات
(١) في المخطوط: إتلافه. ولعل المثبت هو الصواب.
(٢) ما بين المعقوفين من هامش شرح الأزهار.