(فصل): مسنونات الوضوء
  يرد التعبد [الواجب](١) بالشك، وإيجاب ما ليس بواجب قبيح، ولظاهر(٢) قوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ....} الآية ولم يذكر غسل اليدين فيها(٣)، منقول من الشفاء. ولعلها تثبت السنية مطلقاً قبل الوضوء لغسل اليدين وإن لم يقم من النوم كما في غسل الجمعة. ويكون غسلهما (أولاً) يعني: قبل الشروع في الوضوء، وذلك بعد إزالة النجاسة من الفرجين على المختار؛ لأن واجب الوضوء ومسنونه لا يكون إلا بعد إزالة النجاسة(٤). وهذا إن لم يعلم فيهما بنجاسة، وإلا وجب غسلهما لرفعها، ويسن غسلهما بعدُ.
  (و) المسنون الثاني: (الجمع بين المضمضة والاستنشاق) ويكون ذلك (بغرفة) والغرفة بالضم: لما يغرف به، وبالفتح - وهو المراد هنا -: المرّة الواحدة، من الاغتراف، نقل من الصحاح(٥).
  والمراد أنه يجمع بينهما في غرفة واحدة بكف واحد، ويكرر ذلك ثلاث مرات، لا أنه يفعل ذلك ثلاث مرات من غرفة واحدة؛ إذ لا تأتي الثالثة إلا وقد نزف الماء، ولأنه يريد في كل غرفة أن يدلك المحل بها؛ لتكن غسلة وإلا فما الفائدة؟ وهو متعذر الدلك واليدُ مشغولة بالماء للمرة الثانية والثالثة. والمستحب أن يكون بكف واحد وإلا لم يكن متسنناً، وكذا التكرير ثلاثاً. وإذا جمع بينهما بغرفة فلعله يخيَّر في تقديم المضمضة أو الاستنشاق.
  ويستحب المبالغة فيهما لغير الصائم، فيكره له ذلك؛ إذ لا يأمن من أن يفطر، فتأمل.
(١) ما بين المعقوفين من الشفاء.
(٢) في (ج): «الظاهر».
(٣) هكذا في الأصل، وفي الشفاء وهامش الشرح: ولم يذكر غسل اليدين في أوله.
(٤) لفظ الحاشية في هامش شرح الأزهار نقلاً عن ضوء النهار: لأن واجب الوضوء ومندوبه لا يصح إلا بعد إزالة النجاسة الأصلية كما تقدم.
(٥) لفظ الصحاح: غرف الماء بيده من باب ضرب، واغترف منه، والغرفة بالفتح المرة الواحدة، وبالضم اسم للمفعول منه.