(فصل): فيمن خرج للحج وتعذر عليه إتمامه لزوال عقله
  فواجب؛ إذ قد عرضه لفعل المحظور؛ وأما من ليس برفيق فليس له ولاية عليه، فلا يفعل به شيئاً ولو صديقاً أو زميلاً في المحمل، ويتركه أو يحفظه إن وجب عليه حفظه من باب إنقاذ المحترم. وللرفيق أن يستنيب غيره؛ لثبوت الولاية كما في حفظ المال وبيعه ليبلغ به المقصد وتجهيزه إذا مات وغير ذلك مما يحتاج إليه المريض، وتكون الأجرة للنائب من مال المريض، ولعله يعتبر فيه العدالة، فينظر، ويستحق الأجرة إن نواها، وسواء كان زائل العقل خرج للحج عن نفسه أو أجيراً ولو قبل الإحرام.
  وقوله: «وعرف نيته» سيأتي بيان ذلك عند قوله: «وجهل نيته(١)»، وقد فهم من ذلك أنه إذا لم تعرف نيته فلا يستنيب، وهو كذلك إذا لم يكن قد أحرم المريض. وقوله: «جميع ما مر» وهو ظاهر، فإن كان قد أحرم وعرف ما أحرم به عمل به المناسك، وإن لم يكن قد أحرم أخَّره إلى آخر مياقيت الحج، وهو الميقات الشرعي، فلا يحرم به من الطريق؛ طلباً للتخفيف، وإن كان ميقاتيّاً أخَّر الإحرام به [إلى آخر جزء](٢) من الحل ثم يحرم به من هنالك، فيجرده من ثيابه التي يحرم عليه لبسها في حال الإحرام، ثم يغسله، فإن ضرَّ به فالصب، فإن ضرَّه ترك، ولا ييممه؛ إذ لا يسوغ التيمم إلا للصلاة، ولا صلاة في حق زائل العقل، ثم يُهل عنه بما قد عرف من قصده، فيقول: «اللهم إن هذا عبدك قد خرج قاصداً للحج، وقد أحرم لك شعره وبشره ولحمه ودمه» ويلبي عنه، ويجنبه ما يحرم على المحرم، فإن فعل فيه ما يوجب الفدية فلمصلحة تكون الفدية من مال المريض، ولغير مصلحة من مال الرفيق، ويسير به في مناسك الحج كلها، ويدخل في عموم «جميع ما مر» ركعتا الطواف فإنه يصليهما عنه كالأجير في الحج جميعه. (فيبني) المريض (إن أفاق) من زوال عقله على ما قد فعل به رفيقه من أعمال الحج، ولا يلزمه الاستئناف ولو كان وقت ذلك النسك الذي قد فعله به باقياً، ولا دم عليه، وإنما يتم ما بقي عليه من المناسك، وليس له الترك؛ فقد
(١) في المخطوطات: وإن جهل.
(٢) ما بين المعقوفين من شرح الأزهار.